الجمعة، 25 نوفمبر 2016

أبوسعيد العباسي - رُبّ ضارة نافعة ، حادثة غيرت حياتي ، قصة في ثنايا مقالة



    بسم الله نبدأ ... تمر بكل واحد منا حوادث سليمة وأليمة ، بخيرها وشرها ، سواء استفدت منها أو اعتبر بها ، أو جهلت بأمرها وحكمتها ، أو تضررت بها ، أما إذا علمْتَ واستفدتَ فيجب أن تشكر الله على هذه النعمة ، فقلّ من يفهم واقعه ، وكما قلنا سابقاً ، قراءة الواقع هي نوع من أنواع القراءة الغير متعلقة بالنصوص ، وإليكم قصتي ، لكن في البدء نرجع ونعود إلى ما قبل سنتين من الآن لنتذكر ، حوادث قبل هذه الحادثة التي أيضاً غيرت مجرى حياتي ، وسبحان من يقود بي إلى كل خير.

    أحب أخبركم بخبر قد أفصحت عنه سابقاً ضمن سلسلة [ انطباعات تشجع ] وهو تأسيسي لقروبات درر على الوتس والفيس ، حيث هذه القروبات كان لها الفضل في اعتزالي لمتابعة مباريات كرة القدم العالمية والسياسة ، لكن هذه الحادثة بسيطة ، لأن حب لكرة القدم الجنوني استمر سنتين ونصف السنة لا أكثر ، أما السياسة فالأفضل الهروب منها فهي مضيعة للوقت ولسنا من صناع القرار ولا أهل الرأي المؤثر في الشارع.
   الحادثة الثانية : وهي لجوئي من النسخ واللصق إلى التأليف والإبداع ، بحيث تكون لي مواضيعي الخاصة ورسائلي الفريدة ، ولقد كانت الفكرة موفقة حتماً ، والاختيار مناسب ، وقمنا بعمل سلاسل أسبوعية مقسمة حسب الجدول الأسبوعي ، كل يوم له أربعة مواضيع إلى خمسة ، أقوم بإعدادها بنفسي من جمعي وتأليفي ، من قصص ودرر و مواضيع دعوية وثقافية وشبابية ، وقد كانت هذه الخطوة نقلة نوعية قوية في حياتي ، فلم أتصور يوماً أن رسائلي يتم تناقلها بين الناس بتلك الصورة ، لكن هذا حدث ، انطباع جميل حقاً ، ثم قررت الاستمرار في هذا الأمر حتى أكملت 16سلسلة خلال سنة 1437هـ ، والسبب والفضل يعود إلى الرغبة في الإبداع ، واستثمار الموهبة التي لدي في جمع المعلومات ، والكتابة التي تطورت إلى ما أنا عليه الآن ، وأنا على يقين سوف تتطور أكبر ، لكن هذه الحادثة لا تساوي الحادثة الثالثة التي وقعت لي قبل عدة أسابيع ، وسوف أخبركم بها في النقطة القادمة.

   وسبحان من قدّر وكتب ، فرُبّ ضارة نافعة ، لقد حدث أن تعطل مصدري اتصالي بالانترنت ، انقطعت عن المتابعين لي في القروبات والحسابات الخاصة بي ، فالجهاز "اللابتوب" تعرض للتسخين ، مما جعلني أقلل من فتحه ، أما الأمر الآخر فيتعلق بالجوال حيث تعطل الواي فاي ، أمر مؤسف يحدث هذا في نفس اليوم ، وفي نفس الأسبوع ، أسرعت وأصلحت الجوال ، ثم اللابتوب ، الأخير أمره هين ، لكن الأول ونقصد الجوال ، فلم يتصلح الواي فاي إلا بتبديل خريطة الجوال ، وقد قررت أقوم بذلك بعد أسبوع إن شاء الله ، واستغليت استخدامي للجوال بفرصة رائعة لم أكن اعلم أنها ستكون نقطة تحول في حياتي ، فكيف حولت هذه الحادثة من مشكلة قاتلة إلى غنيمة كاملة؟

    أولاً : أنا شخص من النوع الذي يحب استغلال الوقت ، وقد قدمت في شهر شوال المنصرم سلسلة كاملة بعنوان [وقتي أغلى] ، ومن ثمرة هذا العمل أنني حافظت على استغلال وقتي ، على اعتبار السر الأعظم في نجاح الناجحين هو استغلال الوقت ، بل تنظيم واستثماره بالشكل الصحيح والمريح ، فأول ما خطر ببالي أن اقرأ الكتب الالكترونية ، نظراً لأني أقعد ساعات بدون عمل ، فاقرأ الكتاب بعد الكتاب ، حتى اكملت عشر كتب في أقل من شهر ، ويمكن أقرأ أكثر لكن بعض الكتب 600صفحة ، وبعضها فوق 300 صفحة ، الأمر ليس سهلا أبداً ، و يلزمني أن أحسن الاختيار ، وأن اقرأ قراءة اللصوص ، وهي كما أخذنا في أنواع القراءة ، وهي جزء من القراءة الإبداعية فنترك الثرثرة التي يتطرق لها الكاتب ، أو نتجاوز الفصل الذي لا يهمنا ، أو ندع الشرح لأمر واضح تماماً ، وأيضاً نترك ما تم قرأته سابقاً ، الهدف توفير الوقت ، طبعاً قراءة الكتب لها دور في تطوير المدارك و رفع من مستوى احترافية الكتابة ونشر الرسالة التي أريدها بصورة أكثر إبداعاً ، ولكن هنالك سؤال: إذا أصلحت الواي فاي هل سأستمر في قراءة البي دي اف؟ أجيب في النقطة القادمة.

     أولاً : أخبرتكم في ما سبق أن قررت أقلل من قراءة الكتب الكترونية ؛ نظراً لأنها تؤذي العين ، ولكن لا انسى هي من فتحت لي الطريق لأجل هدفي السامي والعالي ، وهو أن اقرأ سنوياً مئة كتاب على الأقل ، كل اسبوع كتابين واحد ورقي والآخر الكتروني ، وقد جرَّبْتُ وقرأت كتاب العظماء المئة لجهاد الترباني ، فلم استطع اترك الكتاب ، وكأنّه خطفني إلى أن أكملته ، طبعاً سوف أخبركم من خلال سلسلتي الجديدة سلسلة من الاقتباسات بعنوان [ قرأت لك ] ، وستعرفون ما الكتاب الذي أقرأه ، أو اقرأ فيه ... لدي الكتب الكثيرة أريد أن اقرأها ، وقد اكتشفت بالقراءة أني حقاً جاهل ، وأجهل الكثير ، وهذا الاعتراف لي شرف ، بل سوف يجعلني أدعو ربي { وقل ربي زدني علما} ، وسوف يجعلني اسعى لطلب العلم من أهله ، واحتك بهم أكثر ، هذه الحادثة لها فوائد جمة ، ولعلها غيرت حياتي من جانب القراءة ، وأيضاً من جانب المال حيث أن اصلاح الجوال على مرتين واللابتوب يحتاج مبلغاً ، وأحمد الله أن تحقق ذلك.
      اعترف لكم كنت لا اقرأ الكتب ، وإنما أقرأ القراءة الوظيفية لأجل الكتابة ، فهذا بلا شك يعتبر ضعف ، القوة أن تقرأ القراءة الموسوعية والإبداعية ، وتحقق مصالح أكثر وتستفيد من القراءة جوانب عدة ، منها الاستفادة من اللغة والتنقلات الفنية ، والاساليب اللغوية ، ولعل كتاب مقامات القرني أخذ مني أربعة أيام هو الكتاب الذي استفدت منه أكثر في هذا المجال ، وأحب أذكر لكم نموذج لشخص برع وأبدع بالقراءة ، وهو أسم الجميع سمع به ، إنّه الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله ، وهو من يخبرنا أنّه نال العلم كثيراً من الكتب التي قرأها ، خاصة علم الحديث ، ولدينا مثال آخر الامام الالباني ... فيكيف هذين العلمين تغيرت حياتهما بسبب القراءة؟! ليكونوا نعم القراء ونعم حملة العلم. وأكرر أن القراءة تطبيق ، وأن القراءة إفادة وعبادة ، خاصة إذا كانت النية صالحة وحسنة ، وقد قال سبحانه { اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الانسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم } ، ومن هذه الآية نجد ضرورة البسمة قبل القراءة ، وقد جاء في تفسير { وربك الأكرم } أنّ من يقرأ فقد نال من كرم الله { والله يعلمُ وأنتم لا تعلمون } ، وأي أمر أعظم من العلم ، سبحان الكريم!

    اختم مقالتي بأن هذا الحادثة التي حدثت لي جعلتي أهتم أكثر بالقراءة ، بعدما كانت بالنسبة لي صيد لكتاباتي ، والآن صارت صيد لحياتي ، صارت صيد لأبي سعيد ... الكاتب والباحث والانسان الواعي الفاهم الذي يحلم بحلم كبير يكون كاتب مليوني لكل العرب ، بل لكل العالم ، طبعاً هذا يحتاج إلى أرفع مستواي بالعلم والمعرفة ، فهذه الحادثة أقول غيرت حياتي  ؛ لأني سوف اهتم بالقراءة أولاً ثم الكتابة ثانياً ، وانصح الجميع بالتنويع في القراءة ، فالقراءة في نوع واحد من المعرفة لن يأخذ بك بعيداً ، ولن يرفعك عالياً ، إلى ما هو فريداً ومناسباً لك ، ولدينا قاعدة 50/50 التي تقول: 50% من مجالك و 50% مما يتعلق بمجالك من العلوم الآخر والمعارف ، ولأن القراءة غذاء العقل ، ونبض الفكر ، ولدينا القراءة الناقدة ، وهي أن تقرأ ولك رأي تحكم به على كل ما تقرأه ، كأن يكون صحيح أو غير صحيح ، ونحو هذا ... ولدينا في القراءة حياة بل أكثر ، كما قال العقاد نتعلم فيها التجارب ، وخصوصاً القصص وانصح الجميع بكتاب [ قصص علمتني الحياة – محسن جبار] ، وهذه المقالة كتبتها لأعلن للجميع أن قد تغيرت قليلاً ، فسامحوني على التقصير ، وقريباً سوف أعمل خطة شهرية لما اقرأه خلال الشهر القادم ، وكما قلت لكم سيكون قراءتي بين كتاباً الكترونياَ وآخر ورقياً ، هذا أسبوعياً ، وقد يكون كتيباً أو كتاباً ، فلن الزم نفسي بالكتب فلدي كثير من الكتيبات أريد أيضاً أن اقرأها ، والفرق بين الاثنين أن الكتب تأتي مقسمة باباً ثم باباً ثم باباً  أو قصة ثم قصة أو جزء ثم جزء آخر ، أما الكتيبات فليس كذلك ولكنها بغرض الارشاد ، وأيضاً من الفروق الكتب تمتاز بالتجديد وأنها تحمل علم ، بينما الكتيبات لا ... ولا يدخل في ذلك حجم الكتاب ولا عدد صفحاته ، وأكرر شكري لكل الاخوة والأخوات الذين كان لهم الفضل في حبي للقراءة ، وأولهم أبي وجدي ومتابعيني على مواقع التواصل وأصدقائي سادة القراء من كل بلد ، وسوف اكتب يوماً ما لماذا اقرأ؟ لأن البعض سوف يحسدني على همتي ، ولكن يا أخي ما اقرأه سيكون لكم في اقتباساتي وكتبي وفكري ، والله وحده الموفق نعم المولى ونعم الحفيظ.
كتبه / أبوسعيد عبدالله باوزير العباسي الهاشمي
الجمهورية اليمنية – م/ حضرموت – المكلا

يوم الأربعاء - بتاريخ 23/ صفر / 1438هـجرية

أبوسعيد العباسي - المقالة الثانية عشر: الفقراء الخمسة ، احذر أن تكون منهم


بسم الله نبدأ ... مقالة رائعة أوعدكم إن شاء الله ، لأنها في الفكر والوعي ، وهذا هو اهتمامي الأكبر في مقالاتي وكتبي ، فمقالتي هذه لا تقل أهمية عن مقالتي العاشرة [ خمر الدنيا ] ، ولا أريد أضيع الوقت ، في استعراض أعمالي السابقة ، فقريباً سوف تكون جميعاً بين يديكم إن شاء الله ، كملاحظة أولية جميع مقالاتي انشرها في مدونتي [ الفائدة بحر للفوائد].

    لو تسأل من كان عندك الآن ، من هو الفقير؟ سيجيبك ويقول: ما ليس عنده مال ، وفي جوع وتعب يرثى له ، وقد تجده يتسوّل أو في بيته يتعفّف ، ولكن أرجوك أخبره أن الفقر ليس عيباً ، وأن فقر المال إنما هو جزء من الابتلاء ، فمن صبر فاز ، ومن خالف وجزع وطمع خاب وانتكس ، وللفائدة أسهل الناس حساباً يوم القيامة الفقراء ، لأن ليس عندهم أموالاً ليتحاسبوا على كل درهم و دينار ، أو دولار و ريال ، كما هو الحال ، في هذه الأيام ، وبالعكس الأغنياء أشد الناس حساباً ، وهكذا يكون الحساب؟ عن ماله من أين كتسبه؟ وفيما أنفقه؟ وعلى من؟

    كيف تتخلص من الفقر – فقر المال – وهل من طريقة لجمعه؟ نتخلص من الفقر بأمرين : 1/ بالقناعة بما لدينا والتعفف  2/ بطلب الغناء والثراء ، ولأجل ألّا أطيل الكلام ، هنا لدي لكم مقالة من السنة الماضية من هذا الرابط ( ) ارجع للرابط لاحقا.

    نرجع ونذكر الفقراء الأربعة لنكمل بهم الخمسة ، وها هم يا من تجهل ، فالفقر ليس فقر المال فقط ، وسنعرف لماذا جُعل هذا الفقر هو كل الفقر في آخر المقالة ، وهم كما يلي:
1- فقير المال
2- فقير العلم
3- فقير الحب
4- فقير الصبر
5- فقير العزيمة
     هذا هو تصنيفي للفقراء الخمسة ، وأعلم أنكم ستتعجبون وتقولون: من أين اتيت بهذا القول؟! لكن أخبركم أنني كاتب متخصص ، وسوف تظهر لي بعض الفوائد والفرائد ، والدقة في تصنفي وافكاري ، وهذا من فضل الله علي ، ثم من فضله في مقدمة حلقات سلسلتي [ أنا المستقبل ] ، بالتحديد موضوع بداية البداية ، التي تأتي قبل البداية والانطلاق للمستقبل.

    فقير العلم هو الشخص الجاهل ، الذي لا يعرف الحقائق و الأمور التي تهمه في عمله واختصاصه ، فهذا الزمن زمن التخصص ، وقد انتهى عصر الموسوعات ، لذا حتماً ستجد نفسك فقير في علوم شتى و مهن وحرف وأعمال لا تمتلك قدراً من المعرفة والخبرة ، لذا نقول المزارع فقير في علم الدين بالكلية لكن ليس فقيراً في حرفة الزراعة ، أما علم الزراعة فقد يكون فقير جزئياً ، فهو لم يتعلم الأمور في اختصاصه ، وقس على ذلك.

    فقير الحب ، والحب أساس الحياة ، وحسبك أن البعض يجعل الحب ويحصره في الحب الجنسي ، وهو حب الجنس للجنس الآخر ، أي حب الذكر للأنثى والعكس ، وكما عرفنا هذا من التزييف الذي يقع في الحياة ، فالحياة كلها بجمع جوانبها ومجالاتها تحتاج إلى حب ، فمثلاً العمل يحتاج إلى حب ، العبادة تحتاج إلى حب ، القراءة تحتاج إلى حب ، جمع المال يحتاج إلى حب ، لذا فقراء الحب كثيرون ، حتى الأكل والشراب والصداقات والعلاقات تحتاج إلى حب ، وهنالك الحب المزيف ، أو الحب الملغي ، مثل من يريد أن يتعلم ولا يحب التعليم ، من أغرب ما رأيت بعيني! فيا فقير الحب ، جدد حبك وصححه ليكون لك مرادك فيه.

فقير الصبر ، الصبر أيضاً يحتاج إلى حب ، وهذا ما ذكرناه في صدق العمل ضمن بداية البداية التي هي أمرين صبر وعزيمة ينبعان من الحب ، أي الحب للهدف والمستقبل ، فنحن نصبر لأجل الجنة وهي الهدف ، فنتعبد الله ونفعل المأمور ونترك المحظور ، الهدف هو ما جعلنا نفعل كل هذا وأكثر ، فقراء الصبر كثيرون أيضاً ، لأنها من أهل الجزع وحب الراحة وقلة الاحتمال والتهرب ، فالطالب الذي يصبر على المذاكرة ويجتهد في دروسه ، غني بالصبر غني بالحب غني بالعزيمة ، وهذه العزيمة أيضاً ما جاءت من فراغ ... هي جاءت من الحب  ، وكما قال المتنبي ( على قدر أهل العزيم تأتي العزائم ) ، فكلما كانت العزيمة قوية كلما كان الهدف محقق ، وكلما كانت ضعيفة وهينة فهذا مصدر فقر ، وعقبة في الطريق ، ولكم هذه الأربعة الأبيات الشعرية الجميلة والتي تعطي لنا معنى رائعاً وفكرة بخصوص هذا النوعين من الفقر :
لا تحسبن المجد تمرا أنت آكله *** لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر.
من يهن يسهل الهوان عليه *** ما لجرح بميتٍ ايلام.
واذا كانت النفوس كباراً *** تعبتْ في مرادها الاجسام.
ومن يتهيب صعود الجبال *** يعيش أبد الدهر بين الحفر.
     ويتبن لنا من الأبيات السابقة ، الحقيقة التي ذكرناها ، وهي من لم يملك صدق العمل ( الصبر+ العزيمة) فلن يكون ذو عمل ، ولنفترض شخصاً يريد أن يتزوج وهو فقير في الصبر والعزيمة ، فأين وكيف ومتى سيحقق هذا الحلم العظيم!!! بل أنى له ذلك ، وهو في الأساس خائب ، فتخلص أخ من فقر الصبر وكن صابراً ، وتخلصي أختاه منه وكوني صابرة ، وتخلصوا أيضاً من فقر العزيمة وكونوا ذو عزيمة تهز الجبال هزاً ، ولكم في رسول الله قدوة حسنة ، قال له ربه ومولاه { واصبر صبراً جميلاً} ، وعن العزيمة { واصبر كما صبر أولى العزم من الرسل } ، فالصبر العزيمة يجتمعان ولا يفترقان ؛ ليحققان الغاية والهدف النبيل ، وإذا افترقا فهذا ممكن ، لكن لا شيء سوف يتغير ستظل الأمور على حالها ، ويمكن تميل للأسو ، والأولى بكل شخص منا أن يتخلص من الفقر بأنواعه الخمس ولا يكون من هؤلاء.

   نأتي للنقطة الاخيرة ، لماذا يتم تخصيص الفقر على فقر المال؟ الجواب : المال يا أحبابي هو أساس الحياة الكريمة والمستقيمة ، لا أقصد استقامة الدين ، إنما استقامة الحياة بجميع جوانبها بما فيها الدين ، فمن يريد أن يحج يريد مالاً وكذلك من يريد أن يتصدق ، ونأتي للحقيقة أن فقر المال  يدخل في كل نوع مما ذكرنا ، فمن يريد أن يتعلم ولا يمتلك المال سيكون أمره صعب ، فكيف سيدفع الرسوم ويشتري الكتب ويسافر وهو لا يمتلك المال؟! ولنا قدوة في هذا التابعي عبدالله بن المبارك الذي أخذ العلم من 4000شيخ ، لماذا هذا الرقم القياسي ؟ لأنه صاحب مال و رجل ثري ، لكنه زاهد وعابد وهو أحد كبار العلماء في عصر التابعين وأخذ منه تابع التابعين العلم ، وأيضاً فقر الحب ، فقد تحب طعاماً لكن لا تسطيع الوصول له ، أو تحب امرأة فيكون المال سبباً في ترك هذا الحب ، أو تحب قراءة كتاب أو سفر لدولة ما ، فيكون هو العائق والمانع بين هذا وذا ، كما هو الأمر معلوم في الزواج وتبعاته.

     أما الصبر والعزيمة ، فعلاقتهما بفقر المال أقل من سابقيه وهي متعلق من جانب الحب ، لأنهما ينبعان منه ، لذا من يريد أن يتغير من هنا يبدأ بالصبر والعزيمة ، حتى يحافظ على هدفه وحبه ، ولو تقرأ قصة الراجحي الذي تعب واشتغل في تنظيف البيوت وجمع الأموال ، إلى أن صار ذو مال ، بل ثري من الأثرياء ، بعد أن كان من الفقراء المعدمين ثم تغيرت حياته ، السر في ذلك التفكير الإيجابي والإرادة الحديدة ، الناتجان من صدق العمل وصدق النية ، ومن يريد أن يفهم هذه الأمور ، فليتابع معي سلسلة [ أنا المستقبل ] من أول حلقة ، وأنا في تمام استعدادي لأكمل بقية حلقاتها في ثلاثة الأشهر القادمة ، فما ذكرناه سابقاً سوف نبني عليه حلقاتنا القادمة إن شاء الله.
     هذا كل موضوعي ، وارجو ان تكون الرسالة وصلت ، وسوف أخبركم بموضوع هام غير حياتي في مقالتي القادمة التي انقل لكم حادثة غيرت حياتي ، فربُّ ضارة نافعة.
كتبه / أبوسعيد عبدالله باوزير العباسي الهاشمي
الجمهورية اليمنية – م/ حضرموت – المكلا

يوم الأربعاء - بتاريخ 23/ صفر / 1438هـجرية

الخميس، 24 نوفمبر 2016

جديد شهر صفر مقالة بعنوان || تجربتي مع قراءة عشرة كتب في أقل من شهر || أبوسعيد العباسي




     بسم الله نبدأ ... عشر كتب قرأتها ولله الحمد في أقل من شهر ، وهذا لأني لدي اجازة في هذه الفترة ، ثم لدي رغبة في في الاستفاضة في بعض المجالات والعلوم التي اتطلع لها خاصة علوم الدين واللغة والتاريخ الإسلامي والثقافة النافعة والفكر ، لعلي قررت قرار رسمي جديد في حياتي أن اقرأ اسبوعياً كتابين أحدهما ورقي والآخر الكتروني ، بالنسبة لي الكتاب والكتيب كلاهما واحد ليكون في النهاية نصيبي سنوياً أكثر من مئة كتاب وكتيب ، لكن هذه المرة قرأت البي دي اف أو الكتاب الالكتروني ولها ايجابيات ، عدم خسارة أموال ، مع اقتناء كتاب جميل وجليل لا يعد خسارة ، إنما الخسارة أن تشتري كتاب تاف أو تشتري كتاب ولا تقرأه وقد علاه التراب ، وأيضاً سهولة القراءة والتصفح ، بينما الورقي له مميزات منها أنّه غير مؤذي للعين ، يمكنك الاستمتاع أكثر ، بينما الالكتروني غرضك القراءة بسرعة ، وهذه ميزة وهي سلبية كذلك ، لا أريد أن أكثر في هذا الكلام ، فالجميع على ما أعتقد يعرف الفرق.

     أولا : اعطيكم أسماء الكتب العشرة ، مع أني قرأت بعض الكتب ورأيت فيها ما لا يهمني فتركتها ، وهي هذه العشرة حسب ترتيب قراءتي:
1-5- مجموعة كتب قصص علمتني الحياة الجزء الخامس ثم الأول والثاني والثالث والرابع – للكاتب العراقي: محسن جبار – نسخة الكترونية من موقع صيد الفوائد.
6- كتاب أعظم مئة شخص في التاريخ – مايكل هارت – ترجمة أنيس منصور – نسخة الكترونية
7- كتاب مائة من عظماء أمة الإسلام – للباحث المبدع جهاد الترباني – هو أفضل كتاب انتشر - الأكثر مبيعاً ، نسخة الالكترونية
8- كتاب التعالم أثره على الفكر والكتاب – أبو زيد بكر بن عبدالله – نسخة الالكترونية.
9- سيرة عمر بن عبدالعزيز - الامام ابن الجوزي رحمه الله – نسخة الالكترونية مع مكتبة المصطفى.
10- كتاب مقامات عائض القرني – للشيخ الأديب الفريد عائض القرني حفظه الله – نسخة الالكترونية من المكتبة الوقفية.

    ستلاحظون أيها الأحبة أن هذه الكتب كلها الكترونية ، ولكن هنالك سبب جعلني كذلك ستعرفون في المقالة القادمة [ ربُ ضارة نافعة ، حادثة غيرت حياتي] إن شاء الله ، وسوف انقل لكم انطباعي عن الكتب العشرة ، والتي اشكر المؤلفين عنها وقد استفدت منهم الكثير خاصة القرني ومحسن جبار وأبو زيد وجهاد الترباني ، واذكر الجميع أن قد كتبت عند القراءة وأنواعها العشرة ، وبالفعل طبقة ما كتبته في تلكم المقالة ، في هذه الكتب العشرة ، وخاصة كتاب مايكل هارت ، حيث لم أقرأ من الكتاب سواء 40% ، وفي الغالب ركزت على الاسماء والاختيارات ، وقد قرأته عن بعض الشخصيات ، وكان لي حاجة وغرض في الكتاب ، قبل أن اقرأ كتاب المبدع جهاد الترباني ، وقد عرفت عن استالين وغيره ممن لا أعرفهم من الشخصيات المؤثرة ، واحلم أن أكون شخصية مؤثرة على الصعيدين العربي و العالمي بالرسالة التي أحملها والفكر والبحوث والاعمال التي اكتبها يومياً وسنوياً.

     نبدأ من أول كتاب وهي خمس كتب من المتألق محسن جبار ، واعترف لكم أفضل قصص أقرها في قروباتي - قروبات درر على الوتس والفيس- كانت من كتبه الخمسة ، ولما قرأت الكتاب الخامس وقد كان منسق ومرتب وفيه رسومات معبرة ، أعجبني الفكرة والقصة والاختيارات ومنه نتعلم ، خاصة أنني اكتب القصص ... بالفعل كانت السلسلة اسم على مسمى ، حيث نتعلم منها الكثير في أمور الحياة ، وننتظر الجزء السادس ، وشكراً لموقع صيد الفوائد على تقديم لنا هذا الكتاب وجعله مجاني ومتاح للجميع.

     نترك السادس فقد تحدث عنه ، ونأتي للسابع وهو من أجمل ما قرأت واستفدت في حياتي معلومات أجهلها تستحق البحث والنشر ، وسوف اقرأه مرة أخرى وقد أخذ مني الكتاب يوماً ونصف وهو مجموع في 400صفحة ، وقد أجاد وأحسن الأخ جهاد وقدم عمل على مستوى فريد ، وحق لكل واحد أن يشتري نسخة منه ويضعها في البيت ، ويقرأها لأطفاله ، وان شاء الله نفعل ذلك ، وقد كان له الفضل في تغيير نظرتي لبني أمية ، الذين كنت أعتبرهم ظلمة وفسقة من بعد معاوية ويزيد ، لكن تبين لي أنهم مجاهدين ولهم هدف نبيل في توحيد المسلمين ، والذي حدث لا يمكن تجاهله ، وأيضاً زاد اعجابي بالإمام الحسن بن علي رضي الله عنهما ، و عرفت اسماء وأمور كنت أجهلها ، لذا قررت أن اقرأ الكتب ، وسوف أعد مقالة بعنوان [ علمني جهلي أن أتعلم ] في الشهر القادم إن شاء الله .

     الكتاب الثامن كان لي هدف سامي من الكتاب ، وهو أنّ أُدّب نفسي التي تتعالم وأعرفها أنها حقاً جاهلة ، فالذي وصلت له ما كان إلا بتوفيق الله ، ولكن أنّا لا شيء مقارنة بأشخاص أفنوا أعمارهم ، نحو ثلاثين سنة في سفر لأجل طلب العلم الشرعي النافع ، وقد قررت أن اقرأ وأقلل من انتاجي ، واحتك بالعلماء واسافر لأتعلم عندهم فالعلم يطلب من أهله ، والجهل كل الجهل في التعالم ، فيجب أن أقول لنفسي ولكل شخص ، أن التعالم ليس فقط في الدين وعلومه ، بل في كل شيء ، ولأجل الفائدة أعطي لكم هذه القصة ، حكى لنا استاذنا عمر مدرس مادة الرياضيات الصف الثاني ثانوي ، قصة لأحد أقاربه ، بأنه ذهب للطبيب يشكو ألماً في بطنه ، فأخبره الطبيب بعد الفحوصات أنّه ليس عنده شيء ، وأن الأمر طبيعي وأعطى له مسكن ألم ، ركزوا معي ، فما هي إلا أشهر وزادت حالته سوءاً ، وحدث الأمر السيء فسافر الأخ إلى صنعاء ، ولما علم بعد الفحوصات ان لديه فشل كلوي ، وأنّه لو كان قبل مدة لتمكنوا من الحد منه وتقليل الخطورة ، فماذا حدث؟ قتل ذلك الطبيب المتعالم هذا الشاب ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، ثم علّق استاذ لطلاب دفعتنا وهم طلاب يُرجى منهم الأطباء والمهندسين ، فهم طلاب ثانوية المكلا النموذجية أفضل ثانوية في اليمن عموماً ، وحضرموت خصوصاً ، وقال: أيها الطلاب من لم يعرف شيء أو صعب عليه تشخيص حالة فليقل: "لا أعلم" ، ماذا سينقصك إذا قلت هذه الكلمة ، أرواح الناس ليست لعبة ، صدق الأستاذ جزاه الله خير. أما أمر الدين فهذا أخطر ، والكل يعلم ما العاقبة؟ لذا كما قال الكاتب أبو زيد في خلاصة كتابه : احذروا التعالم ولا تكونوا خنفشاري صاحب قصة الخنفشار.

     الكتاب التاسع كتاب سيرة الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز ، وهو ليس بخامس الخلفاء الراشدين ، كما قال جاء في كتاب الترباني المئة العظماء ، بل الخامس هو الحسن بن علي ، هذا للفائدة ... نكمل عن الكتاب ونقول : أن تتعرف على شخص مثل عمر بن عبد العزيز شرف عظيم ، وأحب فقط أن أنقل لكم هذا البيت الشعري الذي غالباً ما يردده :
ولا خير في عيش أمرئِ لم يكن لهُ ___ مع الله في دار القرار نصيبُ
وعلمت أن سبب زهده هي الخلافة ، وسوف يكون محور رئيسي في كتابي مطالبون بالعدل ونموذج ثاني بعد الرسول صلى الله عليه وسلم.

    الكتاب الأخير ، وليس بالأخير إن شاء الله بل أن مستمر في قراري فقريباً مقبل على تكملة كتابي الحادي عشر ، وسوف اغتنم وجود كتب ورقية عندي في سبع مكتبات سوف استعير منهم ، فمدينة المكلا مدينة مقتضة بالمساجد التي تضم مكاتب فيها ، فالتعويل على الكتب الالكترونية قد يسبب لي الخطر ، ولن تنفعي النظرات التي ارتديها في الحفاظ على البصر ، نعود للكتاب الفريد ، والمفيد ، والذي أنا به سعيد ، حيث كسبت المكسب الأكبر ، وتحسنت بفضله كتاباتي ، لأن المقامات قربية للنثر الجاهلي القوي ، والذي يسجّع أواخره ، وغنية بالبلاغة والفصاحة والبيان والسلاسة والفنية والاحترافية ، والمقامة فن من فنون النثر ولها طريقة في كتبتها ، ولدي نوع يشابها اسميه السجعيات ، فلدي موسيقى الشعر والنظم والقوافي ولله الحمد ، إنما افتقر للخبرة لكي اكتب مثلها ، وسوف أكون عصامي فيما أكتب ، بعيداً عن التقليد ، لأحدث نوع من التجديد ، في الفكر والقول السديد ، إن شاء الله ، ومما استفدت في الكتاب عن الملك الجدير ، بالثناء والتقدير،  الملك الراحل عبدالعزيز بن سعود ، الذي أخذ بالتوحيد ، وسار وقاد وجاد وأعاد للأمة نهضة بفضله وبفضل المجدد الكبير الذي سماه جهاد الترباني آريوس العرب ، إنه محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. أكثر المقامات التي نالت أعجابي: مقالة الزهدية ومقامة الشيطانية ومقامة الفلسطنية والمقامة المرأة ومقالة العولمة ، والأخير هي الأجمل من حيث الفكر ، وقد ذكر الدول والأشخاص والعلوم ، واقتبست نحو 300اقتباس ، وهي مصورة ومحفوظة في جوالي ، وقد نشرت هذه الكتب في بعض القروبات وصفحتي الشخصية ، وأعطيكم روابطها من مواقعها لمن يريد أن يحملها ، ويقرأها ... ولو تسألني ما هي أفضل ثلاث كتب بين هؤلاء لأحترت في الجواب ، لكن الحيرة بين عشرة أمرها أسهل بين ما هو أكثر وغير محدد ، وقد قرأت كتب بين وبين ، لكن لم أكملها أو أمر على جميع صفحاتها ، فعندي نوع من القراءة اسمه القراءة اللصوصية ، وهي أن تترك ثرثرة أوشرح أو فصل غير مهم لي ، أو سبق لي قراءته كقصص علمتني الحياة معظمها قرأتها في قروباتي ، وانصح الجميع بقراءة كتاب جهاد الترباني لأن العظيم المئة يمكن ان تكون أنا أو أنت؟ فلا تستخف بنفسك ، الأمة لا تنتهي أبداً ، ما دام الغرباء موجودين ، والمجددين في كل قرن يجددون ، والأمة اكبر من أن تحصر في العرب ، فلدينا البربر والترك و المسلمين الجدد في أمريكا و أوروبا و الهنود والتتار والإسلام أيضاً ينتشر في جميع أرجاء الأرض ، وصدق رسول الله لما قال : (( ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل ، عزاً يعز الله به الإسلام ، وذلاً يذل به الكفر )) ، لذا انصح جميع الأصدقاء ، بقراءة سلسلتي سلسلة غرباء ، فهي من أعظم انجازاتي السنة الماضية ، ولدي مقالين سوف اكتبهما غذاً إن شاء الله.
كتبه / أبوسعيد عبدالله باوزير العباسي الهاشمي
الجمهورية اليمنية – م/ حضرموت – المكلا

يوم الأربعاء - بتاريخ 23/ صفر / 1438هـجرية

الأحد، 13 نوفمبر 2016

جديد : مقالة : خمر الدنيا - أبوسعيد العباسي - المقالة العاشرة تضم ثلاث رسائل ضمنها.




  المقالة العاشرة
 
شاهد من اليوتيوب 



     بسم الله نبدأ ... هذه المقالة العاشرة ولله الحمد في أقل من شهرين ، لتكن مقالة على مستوى يستفيد منها الكثيرون ، خاصة أنّنا نتحدث عن أمر الدنيا التي ضاع بسببها  الكثير ، والحق يقال ما ضاعوا إلا بسبب أنفسهم ، أما الدنيا فقد كانت بيد الرسول وأصحابه فلم يطلبوها أصلاً ولم يتنافسوا عليها ، فسلموا من شرها وغنموا بالجنان ونعيمها ، وصدق من قال: ( حب الدنيا رأس كل خطيئة).

      وأريد في هذه المقالة أنْ أعرض لكم ثلاث رسائل ، هي كالتالي:
1- الرسالة الأولى : الدنيا دار اختبار
2- الرسالة الثانية : لا تنخدع وتسكر بخمر الدنيا
3- الرسالة الثالثة : حقيقة الزهد في الدنيا

     نبدأ الرسالة الأولى ، وهي أن الدنيا دار اختبار ، كما قال تعالى في أول سورة الملك : { هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا} ، وهذه بداية الحقيقة ، فلم تخلق لأجل أن تلعب وتلهو وتشرب من خمر الدنيا ما شئت وكيفما شئت ، فسبحان من قال : { أفحسبتم أنّما خلقناكم عبثاً وأنّكم إلينا لا ترجعون } ، فكل ما تفعله محاسبٌ عليه من خير أو شر ، بل كل كبيرة وصغيرة ، كل ما قصدت سواء فعلته أو لم تفعله ، لذا أصلح نيتك – رعاك الله- وستجد كل شيء سوف يتغير ... وحقيقة الابتلاء(الاختبار) في قوله تعالى { فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } ثم توعّد فقال: { إنّ اعتدنا للظالمين نار أحاط بهم سرادقها } لذا احذر الظلم بشكل عام ، ومن الظلم { إن الشرك لظلم عظيم } فالظلم الأعظم هو ظلم الله عز وجل ، فهو الذي خلق وأعطى ، ثم يقابل هذا بالكفر والشرك والعصيان ، لا اله الا الله! أضافة لظلم النفس وظلم الآخرين ، واعلموا ان الظلم ظلمات يوم القيامة ، من الآن طهر نفسك من الظلم ، وطهر نفسك من السيئات { إن الحسنات يذهبن السيئات } وأيضاً التوبة {  إلا من تاب وأمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما } ، و أثر التوبة أعظم.

     وقبل أن أدخل في الرسالة الثانية ، أحب أقول لكم: بدأت بذكر حقيقة الاختبار لأن البعض نسى هذا الأمر تماماً بسبب شربه من خمر الدنيا الفاتنة ، وقد لخصت كلام قيماً في أحد سجعاتي السابقة ، وفيها أقول: (حقيقة الدنيا اختبار ، والأخرة هي دار القرار ، وأنت أخي من تختار ، بين جنة أو نار ، فلا تحتار ، بيدك الخيار ، من الآن اتبع سبيل الأخيار، أو ستسقط في يد إبليس الغدار ، وتحشر خاسرا مع المجرمين الاشرار ... اخي احذر قبل فوات المسار ، مسار العمر ماضٍ بانحدار ، الى القبر نهاية الاعمار، وكما ينهي الليل النهار، فالموت أتي للكبار والصغار ، فاعمل بإخلاص واتبع الآثار  ، آثار خير الورى سيدنا محمد المختار ، من اطاعه فاز بجنة الابرار ، ومن عصاه وقع في غضب الجبار ، فإما يتوب فيتوب عليه الغفار ، أو يطغى فيهلك ويكون في دار البوار).

رسالتي الثانية : هي عنوان المقالة عن خمر الدنيا ، وهي التي جعلت الجميع يتهاوى ويتهالك ، وصدق ربي لما قال : { اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون } هذا حالهم بسبب الدنيا فكانوا هكذا { وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد } ، لا اله الا الله! أمر مؤسف أن نجد الناس ينسون حقيقة الاختبار ، وينسون الغاية من خلقهم وهي عبادة الله { وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون } ، ما السبب الذي جعلهم في هذا الأمر؟ أنّه ضعف الإيمان ، وقد تحدث في سلسلة كاملة سلسلة [ جدد إيمانك] عن هذا الأمر ، وقلنا الإيمان هو المحرك الذي يحرك صاحبه نحو ربه ومولاه ، فإذا خرب هذا المحرك فإن محرك آخر سوف يحل مكانه ، وهو محرك الهوى والشيطان ، وقد بينا ذلك بشكل واضح في سلسلة [ سبيل الهداية ] ، وخذ قول الله { نسوا الله فأنساهم أنفسهم } ، ولا أريد أن أزيد في الكلام قبل أن نذكر الحل لهذه المشكلة التي جعلت الغالبية عبيداً للدنيا ، بدل أن يكون عبيداً لله ، كيف ذلك؟ خذ هذا الحديث : ((  تعس عبد الدينار ، تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الخميصة ، تعس عبد الخميلة ، إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط ، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش )) رواه البخاري وغيره ، لذا الحل حتى لا نكون هكذا أن نجدد الإيمان ، ونعدل من الشر إلى الخير ، ولا نجعل الدنيا أكبر همنا ، فقد كان من دعاء النبي هذا الدعاء (( اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا ، وأجعل الجنة هي دارنا وقرارنا  )) ، أيها السادة الأفاضل ... أحب اختم رسالتي الثانية بقول الله : { فلا تغرنّكم الحياة الدنيا ولا يغرنّكم بالله الغرور } وهو من وضّح لنا هذا فقال: { وما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل } وقال: { وللآخرة خير لك من الأولى } فلا يجب أن نجعل الدنيا مقصدنا الأول وننخدع ونكون مثل هذا الشخص { وأمّا من طغى وآثر الحياة الدنيا } طغى ورضي بالدنيا الفانية فكان الجزاء { فإن الجحيم هي المأوى} ، فاحذروا يرعاكم الله لا تجعلوا الدنيا تفسد عليكم آخرتكم ، هي خمر قوي المفعول يفسد علينا ديننا يجب أن ننتبه لها { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} فقد جاء عن السلف أن من السُكر المقصود أيضاً السكر بخمر الدنيا التي تجعل المصلي غير منتبه ، و لا مستحضر في صلاته ، هذا هو ، هذا هو ، هل عرفتوه؟ لذا احذروا ...

     رسالتي الثالثة في هذا المقالة : وهي عن حقيقة الزهد وقد سبق لي وكتبت أكثر من سبع مرات عنه ، وهذا أمر عظيم في الدين ، حيث أن الزهد خلق عظيم نتعلمه من رسول الله وأصحابه العظام أمثال أبي بكر و عمر ، ، فلا يمكن أن تتخلص من خمر الدنيا إلا من خلاله ، نعم الزهد هو الذي سوف يخلصك من خمر الدنيا ولا شيء سواه ، قال تعالى : { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} وفي الحديث الصحيح (( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه )) ، ونريد أن نعطي معلومة هامة يجهلها كثير من الدعاة فضلاً عن غيرهم ، حيث أنّ الزهد له ثلاث صور ، صورة خاطئة وصورتين صحيحتين ، وسوف اكتب وأكثر من مقالات بهذا الصدد ، الصورة الخاطئة هي #الرهبانية وهي أن تقطع عن الدنيا تماما ، قال تعالى : { و رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم} ، أما الصورتين الصحيحتين هما: الزهد الكلي والزهد الجزئي ، وأجمل تعريف للزهد تعريف ابن تيمية رحمه الله : ( ليس الزهد ألا تملك شيء ، ولكن ألّا يملك شيء من دون الله) ، وقيل: ( الزهد هو الاقبال على الله وترك اشتغال بالدنيا والنظر لها بعين الاحتقار) ، والذي يحدد الزهد بين جزئي و كلي ، هو حال الشخص مع الدنيا فإذا كان منشغل بها لكن محققاً التعريف الأول والثاني فهو جزئي وإذا كان انشغاله ضعيف ونادر فهو زهد كلي ، بل أقول لن تصل للزهد الكلي إلا بالزهد الجزئي ، والزهد الكلي غالباً يكون في آخر العمر بعد أن تحقق أحلامك وطموحاتك ، نعطي نماذج للزهد الكلي أبوبكر وعمر بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز ، أما الزهد الجزئي عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف والحسين بن علي وابن الزبير ، وهنالك أسماء كبيرة ممن ملكت الأموال والمناصب لكنها كانت زاهدة عن الدنيا حتى تكسب المكسب الأعظم ، وما الدنيا إلا مزرعة الآخرة ، يمكن أن تكون زاهداً ولديك الملايين ، بشرط أن لا تصرفك هذه الملايين عن طاعة الله لقوله { إنما أموالكم وأولادكم فتنة } وقال { إن من أزواجكم وأولادكم عدو لكم فاحذروهم } وذلك عندما تبعدك هذه الأمور عن الله وتفسد قلبك وحبك لله الذي يجب أن نحبه أكثر من المخلوقين { يحبهم ويحبونه} ، فلو سمعت الآذان فيا محب الدنيا سوف تبقى على حالك ، و يا زاهداً عنها وراغباً فيما عند الله سوف تنهض وتنضم للصفوف ،  عرفتوا لماذا الزهد هو الحل؟ لكن للأسف يتم تصويره لنا بشكل خاطئ من قبل البعض سامحهم الله ، فربنا قال : { ولا تنس نصيبك من الدنيا } وقال : { فأما بنعمت ربك فحدث } أي أظهرها ، وقد جاء في سنن الترمذي بسند صحيح ، حديث النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (( إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده )) ، وابشركم لدي كتب ومقالات وسلاسل توجيهية وشخصيات قدوة لنا في الزهد كما ذكرت لكم ، إن شاء الله ضمن أعمال المستقبل ، وأظن الرسالة وصلت ، وبالتوفيق للجميع.
كتبه / أبوسعيد عبدالله باوزير العباسي الهاشمي
من اليمن – حضرموت – المكلا
يوم السبت – 12/ صفر /1438هـجرية

الجمعة، 4 نوفمبر 2016

صلاة الرسول باختصار ضمن سلسلة هكذا كانوا يصلون القصة الأولى - أبوسعيد العباسي



◊ جديد العباسي – قصص ◊
҉  سلسلة هكذا كانوا يصلون/1
القصة الأولى : عن
۩ الرسول صلى الله عليه وسلم
بسم الله نبدأ ... رسولنا الكريم به نبدأ قصصنا ، وهو من صلى بجميع الأنبياء في ليلة الأسراء والمعراج ، فكان إمامهم وقد اختلفت صلاتنا عن صلاتهم أن فيها سجود ، وهذا من عظمة ديننا الإسلامي دين الحق والتوحيد ، فلله الحمد الذي أكرمنا بالسجود في الصلاة بين يديه ، وجعلنا من أمة محمد القائل : (( صلوا كما رأيتموني أصلي)) فهيا نتعلم الصلاة من أمام المصلين.
كان صلاة نبينا في غاية العبادة والروحانية ، وكذلك في غاية الاخلاص وسنعرف هذا وغيره ضمن هذه قصص هذه العمل ، وأول ما نبدأ به فرضية الصلاة في السماء أثناء معراجه للسماوات العلى ، فكان النبي مستعد أن يصلي خمسين صلاة في اليوم ، لكن موسى من راجعه ليجعلها خمس صلوات ، حتى لا تتعطل مصالح الحياة ، فكان رحمة ربي بأمة محمد أن جعلها خمس صلوات مفروضة ، ويمكن لمن يريد أن يزيد نفلاً ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم محافظاً على النوافل مثلما هو محافظ على النوافل ، فإذا سمع النداء أجاب وترك ما في يده ، صلى الله عليه وسلم.
وقد صح عن النبي حرصه على السنن التي سماها الفقهاء المؤكدة مثل: صلاة الضحى وسنن الرواتب والوتر وقيام الليل وتحية المسجد وصلاة التراويح في رمضان ، وفي ذلك أجور وفضل حث الناس عليها ، نأتي لذات الصلاة كيف كان النبي يصلي؟ لقد كان صلاة النبي أفضل صلاة بشهادة أصحابه ، فهو المعلم الذي علمهم الصلاة ، ولمن يريد أن يعرف الكيفية لدينا كتاب صفة صلاة النبي ، من تأليف الامام الألباني رحمه الله ، كتاب قيم حقاً ، انصح الجميع بقراءته ، وهو يكفي ويغني.
لقد كان يصلي بالناس أماماً ، ولم يصلي بالناس مأموماً إلا أيام قرب وفاته ، وصلى بهم أبوبكر الصديق ، وهنا أعطي لكم درسين من امامة النبي للناس ، الأول الرفق فقد كان النبي يصلي فلما يسمع بكاء طفل يسرع ويخفف الصلاة ، حتى لا يشق على أمّه ، أما الدرس الثاني كنت صلاة الرسول للناس بسيطة جداً وميسرة بعض الشيء ، لكن صلاته في بيته عن انفراد دون الجماعة كانت صلاة شاقة بما تعنيه الكلمة ، يوم من الأيام صلى خلفه ابن مسعود في المسجد صلاة التهجد ، فقرأ نبينا البقرة ثم ال عمران ثم المائدة ، فشق على ابن مسعود ، بل شاهدت عائشة النبي وهو يصلي هذه الصلاة التي فيها الروحانية والتدبر للقرآن وكأنه في عالم آخر ، فقالت: هون عليك ، ألم يغفر الله لك ذنبك؟ فقال لها : أفلا أكون عبداً شكوراً ، حقيقة الدرس هنا هو الاخلاص ، أولئك الثلاثة النفر الذي علموا بصلاة النبي وعبادته من أزواجه ، أراد أحدهم ان يشابه النبي في صلاته فقال: أصلي ولا أنام ، فخرج الرسول يبين لهم أنّه يصلي وينام ومن رغب عن سنته فليس منه ، وهو القدوة للناس في الخير والدين.

نختم بأهم نقطة ، أمرنا الله بإقامة الصلاة وليس فقط أن نصلي ، وإقامة الصلاة أي أقامتها على الوجه الصحيح بخشوع وحضور قلب وروحانية وعبادة نتعبد الله بها ، وليس كما نفعل نصلي لنسقط الفرض والواجب ، وقد كان نبينا من أعظم من أقام الصلاة وطبقها بالشكل الصحيح ، ولا أحد يقتدى به في الصلاة غيره ، ولك أن تقارن عندما تقرأ كتاب صفة صلاة النبي ، أو كتابي المستقبلي وان شاء الله في آخر هذه السنة سيكون بين أيديكم بعنوان [ استمتع بصلاتك ] ، فالصلاة الخاشعة ذات الروحانية لا تأتي بالجمود الفكري وإنما نشغل عقلنا وسمعنا وجميع حواسنا للصلاة وللوقوف بين يدي الله عز وجل ، وسوف نختصر هذه السلسلة لضيق الوقت ، في العمل القادم نتحدث عن الخلفاء الراشدين إن شاء الله.
كتبه/ أبوسعيد العباسي وفقه الله
يوم الأربعاء – 2/صفر/1438هـ