الجمعة، 25 نوفمبر 2016

أبوسعيد العباسي - المقالة الثانية عشر: الفقراء الخمسة ، احذر أن تكون منهم


بسم الله نبدأ ... مقالة رائعة أوعدكم إن شاء الله ، لأنها في الفكر والوعي ، وهذا هو اهتمامي الأكبر في مقالاتي وكتبي ، فمقالتي هذه لا تقل أهمية عن مقالتي العاشرة [ خمر الدنيا ] ، ولا أريد أضيع الوقت ، في استعراض أعمالي السابقة ، فقريباً سوف تكون جميعاً بين يديكم إن شاء الله ، كملاحظة أولية جميع مقالاتي انشرها في مدونتي [ الفائدة بحر للفوائد].

    لو تسأل من كان عندك الآن ، من هو الفقير؟ سيجيبك ويقول: ما ليس عنده مال ، وفي جوع وتعب يرثى له ، وقد تجده يتسوّل أو في بيته يتعفّف ، ولكن أرجوك أخبره أن الفقر ليس عيباً ، وأن فقر المال إنما هو جزء من الابتلاء ، فمن صبر فاز ، ومن خالف وجزع وطمع خاب وانتكس ، وللفائدة أسهل الناس حساباً يوم القيامة الفقراء ، لأن ليس عندهم أموالاً ليتحاسبوا على كل درهم و دينار ، أو دولار و ريال ، كما هو الحال ، في هذه الأيام ، وبالعكس الأغنياء أشد الناس حساباً ، وهكذا يكون الحساب؟ عن ماله من أين كتسبه؟ وفيما أنفقه؟ وعلى من؟

    كيف تتخلص من الفقر – فقر المال – وهل من طريقة لجمعه؟ نتخلص من الفقر بأمرين : 1/ بالقناعة بما لدينا والتعفف  2/ بطلب الغناء والثراء ، ولأجل ألّا أطيل الكلام ، هنا لدي لكم مقالة من السنة الماضية من هذا الرابط ( ) ارجع للرابط لاحقا.

    نرجع ونذكر الفقراء الأربعة لنكمل بهم الخمسة ، وها هم يا من تجهل ، فالفقر ليس فقر المال فقط ، وسنعرف لماذا جُعل هذا الفقر هو كل الفقر في آخر المقالة ، وهم كما يلي:
1- فقير المال
2- فقير العلم
3- فقير الحب
4- فقير الصبر
5- فقير العزيمة
     هذا هو تصنيفي للفقراء الخمسة ، وأعلم أنكم ستتعجبون وتقولون: من أين اتيت بهذا القول؟! لكن أخبركم أنني كاتب متخصص ، وسوف تظهر لي بعض الفوائد والفرائد ، والدقة في تصنفي وافكاري ، وهذا من فضل الله علي ، ثم من فضله في مقدمة حلقات سلسلتي [ أنا المستقبل ] ، بالتحديد موضوع بداية البداية ، التي تأتي قبل البداية والانطلاق للمستقبل.

    فقير العلم هو الشخص الجاهل ، الذي لا يعرف الحقائق و الأمور التي تهمه في عمله واختصاصه ، فهذا الزمن زمن التخصص ، وقد انتهى عصر الموسوعات ، لذا حتماً ستجد نفسك فقير في علوم شتى و مهن وحرف وأعمال لا تمتلك قدراً من المعرفة والخبرة ، لذا نقول المزارع فقير في علم الدين بالكلية لكن ليس فقيراً في حرفة الزراعة ، أما علم الزراعة فقد يكون فقير جزئياً ، فهو لم يتعلم الأمور في اختصاصه ، وقس على ذلك.

    فقير الحب ، والحب أساس الحياة ، وحسبك أن البعض يجعل الحب ويحصره في الحب الجنسي ، وهو حب الجنس للجنس الآخر ، أي حب الذكر للأنثى والعكس ، وكما عرفنا هذا من التزييف الذي يقع في الحياة ، فالحياة كلها بجمع جوانبها ومجالاتها تحتاج إلى حب ، فمثلاً العمل يحتاج إلى حب ، العبادة تحتاج إلى حب ، القراءة تحتاج إلى حب ، جمع المال يحتاج إلى حب ، لذا فقراء الحب كثيرون ، حتى الأكل والشراب والصداقات والعلاقات تحتاج إلى حب ، وهنالك الحب المزيف ، أو الحب الملغي ، مثل من يريد أن يتعلم ولا يحب التعليم ، من أغرب ما رأيت بعيني! فيا فقير الحب ، جدد حبك وصححه ليكون لك مرادك فيه.

فقير الصبر ، الصبر أيضاً يحتاج إلى حب ، وهذا ما ذكرناه في صدق العمل ضمن بداية البداية التي هي أمرين صبر وعزيمة ينبعان من الحب ، أي الحب للهدف والمستقبل ، فنحن نصبر لأجل الجنة وهي الهدف ، فنتعبد الله ونفعل المأمور ونترك المحظور ، الهدف هو ما جعلنا نفعل كل هذا وأكثر ، فقراء الصبر كثيرون أيضاً ، لأنها من أهل الجزع وحب الراحة وقلة الاحتمال والتهرب ، فالطالب الذي يصبر على المذاكرة ويجتهد في دروسه ، غني بالصبر غني بالحب غني بالعزيمة ، وهذه العزيمة أيضاً ما جاءت من فراغ ... هي جاءت من الحب  ، وكما قال المتنبي ( على قدر أهل العزيم تأتي العزائم ) ، فكلما كانت العزيمة قوية كلما كان الهدف محقق ، وكلما كانت ضعيفة وهينة فهذا مصدر فقر ، وعقبة في الطريق ، ولكم هذه الأربعة الأبيات الشعرية الجميلة والتي تعطي لنا معنى رائعاً وفكرة بخصوص هذا النوعين من الفقر :
لا تحسبن المجد تمرا أنت آكله *** لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر.
من يهن يسهل الهوان عليه *** ما لجرح بميتٍ ايلام.
واذا كانت النفوس كباراً *** تعبتْ في مرادها الاجسام.
ومن يتهيب صعود الجبال *** يعيش أبد الدهر بين الحفر.
     ويتبن لنا من الأبيات السابقة ، الحقيقة التي ذكرناها ، وهي من لم يملك صدق العمل ( الصبر+ العزيمة) فلن يكون ذو عمل ، ولنفترض شخصاً يريد أن يتزوج وهو فقير في الصبر والعزيمة ، فأين وكيف ومتى سيحقق هذا الحلم العظيم!!! بل أنى له ذلك ، وهو في الأساس خائب ، فتخلص أخ من فقر الصبر وكن صابراً ، وتخلصي أختاه منه وكوني صابرة ، وتخلصوا أيضاً من فقر العزيمة وكونوا ذو عزيمة تهز الجبال هزاً ، ولكم في رسول الله قدوة حسنة ، قال له ربه ومولاه { واصبر صبراً جميلاً} ، وعن العزيمة { واصبر كما صبر أولى العزم من الرسل } ، فالصبر العزيمة يجتمعان ولا يفترقان ؛ ليحققان الغاية والهدف النبيل ، وإذا افترقا فهذا ممكن ، لكن لا شيء سوف يتغير ستظل الأمور على حالها ، ويمكن تميل للأسو ، والأولى بكل شخص منا أن يتخلص من الفقر بأنواعه الخمس ولا يكون من هؤلاء.

   نأتي للنقطة الاخيرة ، لماذا يتم تخصيص الفقر على فقر المال؟ الجواب : المال يا أحبابي هو أساس الحياة الكريمة والمستقيمة ، لا أقصد استقامة الدين ، إنما استقامة الحياة بجميع جوانبها بما فيها الدين ، فمن يريد أن يحج يريد مالاً وكذلك من يريد أن يتصدق ، ونأتي للحقيقة أن فقر المال  يدخل في كل نوع مما ذكرنا ، فمن يريد أن يتعلم ولا يمتلك المال سيكون أمره صعب ، فكيف سيدفع الرسوم ويشتري الكتب ويسافر وهو لا يمتلك المال؟! ولنا قدوة في هذا التابعي عبدالله بن المبارك الذي أخذ العلم من 4000شيخ ، لماذا هذا الرقم القياسي ؟ لأنه صاحب مال و رجل ثري ، لكنه زاهد وعابد وهو أحد كبار العلماء في عصر التابعين وأخذ منه تابع التابعين العلم ، وأيضاً فقر الحب ، فقد تحب طعاماً لكن لا تسطيع الوصول له ، أو تحب امرأة فيكون المال سبباً في ترك هذا الحب ، أو تحب قراءة كتاب أو سفر لدولة ما ، فيكون هو العائق والمانع بين هذا وذا ، كما هو الأمر معلوم في الزواج وتبعاته.

     أما الصبر والعزيمة ، فعلاقتهما بفقر المال أقل من سابقيه وهي متعلق من جانب الحب ، لأنهما ينبعان منه ، لذا من يريد أن يتغير من هنا يبدأ بالصبر والعزيمة ، حتى يحافظ على هدفه وحبه ، ولو تقرأ قصة الراجحي الذي تعب واشتغل في تنظيف البيوت وجمع الأموال ، إلى أن صار ذو مال ، بل ثري من الأثرياء ، بعد أن كان من الفقراء المعدمين ثم تغيرت حياته ، السر في ذلك التفكير الإيجابي والإرادة الحديدة ، الناتجان من صدق العمل وصدق النية ، ومن يريد أن يفهم هذه الأمور ، فليتابع معي سلسلة [ أنا المستقبل ] من أول حلقة ، وأنا في تمام استعدادي لأكمل بقية حلقاتها في ثلاثة الأشهر القادمة ، فما ذكرناه سابقاً سوف نبني عليه حلقاتنا القادمة إن شاء الله.
     هذا كل موضوعي ، وارجو ان تكون الرسالة وصلت ، وسوف أخبركم بموضوع هام غير حياتي في مقالتي القادمة التي انقل لكم حادثة غيرت حياتي ، فربُّ ضارة نافعة.
كتبه / أبوسعيد عبدالله باوزير العباسي الهاشمي
الجمهورية اليمنية – م/ حضرموت – المكلا

يوم الأربعاء - بتاريخ 23/ صفر / 1438هـجرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق