الجمعة، 25 نوفمبر 2016

أبوسعيد العباسي - رُبّ ضارة نافعة ، حادثة غيرت حياتي ، قصة في ثنايا مقالة



    بسم الله نبدأ ... تمر بكل واحد منا حوادث سليمة وأليمة ، بخيرها وشرها ، سواء استفدت منها أو اعتبر بها ، أو جهلت بأمرها وحكمتها ، أو تضررت بها ، أما إذا علمْتَ واستفدتَ فيجب أن تشكر الله على هذه النعمة ، فقلّ من يفهم واقعه ، وكما قلنا سابقاً ، قراءة الواقع هي نوع من أنواع القراءة الغير متعلقة بالنصوص ، وإليكم قصتي ، لكن في البدء نرجع ونعود إلى ما قبل سنتين من الآن لنتذكر ، حوادث قبل هذه الحادثة التي أيضاً غيرت مجرى حياتي ، وسبحان من يقود بي إلى كل خير.

    أحب أخبركم بخبر قد أفصحت عنه سابقاً ضمن سلسلة [ انطباعات تشجع ] وهو تأسيسي لقروبات درر على الوتس والفيس ، حيث هذه القروبات كان لها الفضل في اعتزالي لمتابعة مباريات كرة القدم العالمية والسياسة ، لكن هذه الحادثة بسيطة ، لأن حب لكرة القدم الجنوني استمر سنتين ونصف السنة لا أكثر ، أما السياسة فالأفضل الهروب منها فهي مضيعة للوقت ولسنا من صناع القرار ولا أهل الرأي المؤثر في الشارع.
   الحادثة الثانية : وهي لجوئي من النسخ واللصق إلى التأليف والإبداع ، بحيث تكون لي مواضيعي الخاصة ورسائلي الفريدة ، ولقد كانت الفكرة موفقة حتماً ، والاختيار مناسب ، وقمنا بعمل سلاسل أسبوعية مقسمة حسب الجدول الأسبوعي ، كل يوم له أربعة مواضيع إلى خمسة ، أقوم بإعدادها بنفسي من جمعي وتأليفي ، من قصص ودرر و مواضيع دعوية وثقافية وشبابية ، وقد كانت هذه الخطوة نقلة نوعية قوية في حياتي ، فلم أتصور يوماً أن رسائلي يتم تناقلها بين الناس بتلك الصورة ، لكن هذا حدث ، انطباع جميل حقاً ، ثم قررت الاستمرار في هذا الأمر حتى أكملت 16سلسلة خلال سنة 1437هـ ، والسبب والفضل يعود إلى الرغبة في الإبداع ، واستثمار الموهبة التي لدي في جمع المعلومات ، والكتابة التي تطورت إلى ما أنا عليه الآن ، وأنا على يقين سوف تتطور أكبر ، لكن هذه الحادثة لا تساوي الحادثة الثالثة التي وقعت لي قبل عدة أسابيع ، وسوف أخبركم بها في النقطة القادمة.

   وسبحان من قدّر وكتب ، فرُبّ ضارة نافعة ، لقد حدث أن تعطل مصدري اتصالي بالانترنت ، انقطعت عن المتابعين لي في القروبات والحسابات الخاصة بي ، فالجهاز "اللابتوب" تعرض للتسخين ، مما جعلني أقلل من فتحه ، أما الأمر الآخر فيتعلق بالجوال حيث تعطل الواي فاي ، أمر مؤسف يحدث هذا في نفس اليوم ، وفي نفس الأسبوع ، أسرعت وأصلحت الجوال ، ثم اللابتوب ، الأخير أمره هين ، لكن الأول ونقصد الجوال ، فلم يتصلح الواي فاي إلا بتبديل خريطة الجوال ، وقد قررت أقوم بذلك بعد أسبوع إن شاء الله ، واستغليت استخدامي للجوال بفرصة رائعة لم أكن اعلم أنها ستكون نقطة تحول في حياتي ، فكيف حولت هذه الحادثة من مشكلة قاتلة إلى غنيمة كاملة؟

    أولاً : أنا شخص من النوع الذي يحب استغلال الوقت ، وقد قدمت في شهر شوال المنصرم سلسلة كاملة بعنوان [وقتي أغلى] ، ومن ثمرة هذا العمل أنني حافظت على استغلال وقتي ، على اعتبار السر الأعظم في نجاح الناجحين هو استغلال الوقت ، بل تنظيم واستثماره بالشكل الصحيح والمريح ، فأول ما خطر ببالي أن اقرأ الكتب الالكترونية ، نظراً لأني أقعد ساعات بدون عمل ، فاقرأ الكتاب بعد الكتاب ، حتى اكملت عشر كتب في أقل من شهر ، ويمكن أقرأ أكثر لكن بعض الكتب 600صفحة ، وبعضها فوق 300 صفحة ، الأمر ليس سهلا أبداً ، و يلزمني أن أحسن الاختيار ، وأن اقرأ قراءة اللصوص ، وهي كما أخذنا في أنواع القراءة ، وهي جزء من القراءة الإبداعية فنترك الثرثرة التي يتطرق لها الكاتب ، أو نتجاوز الفصل الذي لا يهمنا ، أو ندع الشرح لأمر واضح تماماً ، وأيضاً نترك ما تم قرأته سابقاً ، الهدف توفير الوقت ، طبعاً قراءة الكتب لها دور في تطوير المدارك و رفع من مستوى احترافية الكتابة ونشر الرسالة التي أريدها بصورة أكثر إبداعاً ، ولكن هنالك سؤال: إذا أصلحت الواي فاي هل سأستمر في قراءة البي دي اف؟ أجيب في النقطة القادمة.

     أولاً : أخبرتكم في ما سبق أن قررت أقلل من قراءة الكتب الكترونية ؛ نظراً لأنها تؤذي العين ، ولكن لا انسى هي من فتحت لي الطريق لأجل هدفي السامي والعالي ، وهو أن اقرأ سنوياً مئة كتاب على الأقل ، كل اسبوع كتابين واحد ورقي والآخر الكتروني ، وقد جرَّبْتُ وقرأت كتاب العظماء المئة لجهاد الترباني ، فلم استطع اترك الكتاب ، وكأنّه خطفني إلى أن أكملته ، طبعاً سوف أخبركم من خلال سلسلتي الجديدة سلسلة من الاقتباسات بعنوان [ قرأت لك ] ، وستعرفون ما الكتاب الذي أقرأه ، أو اقرأ فيه ... لدي الكتب الكثيرة أريد أن اقرأها ، وقد اكتشفت بالقراءة أني حقاً جاهل ، وأجهل الكثير ، وهذا الاعتراف لي شرف ، بل سوف يجعلني أدعو ربي { وقل ربي زدني علما} ، وسوف يجعلني اسعى لطلب العلم من أهله ، واحتك بهم أكثر ، هذه الحادثة لها فوائد جمة ، ولعلها غيرت حياتي من جانب القراءة ، وأيضاً من جانب المال حيث أن اصلاح الجوال على مرتين واللابتوب يحتاج مبلغاً ، وأحمد الله أن تحقق ذلك.
      اعترف لكم كنت لا اقرأ الكتب ، وإنما أقرأ القراءة الوظيفية لأجل الكتابة ، فهذا بلا شك يعتبر ضعف ، القوة أن تقرأ القراءة الموسوعية والإبداعية ، وتحقق مصالح أكثر وتستفيد من القراءة جوانب عدة ، منها الاستفادة من اللغة والتنقلات الفنية ، والاساليب اللغوية ، ولعل كتاب مقامات القرني أخذ مني أربعة أيام هو الكتاب الذي استفدت منه أكثر في هذا المجال ، وأحب أذكر لكم نموذج لشخص برع وأبدع بالقراءة ، وهو أسم الجميع سمع به ، إنّه الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله ، وهو من يخبرنا أنّه نال العلم كثيراً من الكتب التي قرأها ، خاصة علم الحديث ، ولدينا مثال آخر الامام الالباني ... فيكيف هذين العلمين تغيرت حياتهما بسبب القراءة؟! ليكونوا نعم القراء ونعم حملة العلم. وأكرر أن القراءة تطبيق ، وأن القراءة إفادة وعبادة ، خاصة إذا كانت النية صالحة وحسنة ، وقد قال سبحانه { اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الانسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم } ، ومن هذه الآية نجد ضرورة البسمة قبل القراءة ، وقد جاء في تفسير { وربك الأكرم } أنّ من يقرأ فقد نال من كرم الله { والله يعلمُ وأنتم لا تعلمون } ، وأي أمر أعظم من العلم ، سبحان الكريم!

    اختم مقالتي بأن هذا الحادثة التي حدثت لي جعلتي أهتم أكثر بالقراءة ، بعدما كانت بالنسبة لي صيد لكتاباتي ، والآن صارت صيد لحياتي ، صارت صيد لأبي سعيد ... الكاتب والباحث والانسان الواعي الفاهم الذي يحلم بحلم كبير يكون كاتب مليوني لكل العرب ، بل لكل العالم ، طبعاً هذا يحتاج إلى أرفع مستواي بالعلم والمعرفة ، فهذه الحادثة أقول غيرت حياتي  ؛ لأني سوف اهتم بالقراءة أولاً ثم الكتابة ثانياً ، وانصح الجميع بالتنويع في القراءة ، فالقراءة في نوع واحد من المعرفة لن يأخذ بك بعيداً ، ولن يرفعك عالياً ، إلى ما هو فريداً ومناسباً لك ، ولدينا قاعدة 50/50 التي تقول: 50% من مجالك و 50% مما يتعلق بمجالك من العلوم الآخر والمعارف ، ولأن القراءة غذاء العقل ، ونبض الفكر ، ولدينا القراءة الناقدة ، وهي أن تقرأ ولك رأي تحكم به على كل ما تقرأه ، كأن يكون صحيح أو غير صحيح ، ونحو هذا ... ولدينا في القراءة حياة بل أكثر ، كما قال العقاد نتعلم فيها التجارب ، وخصوصاً القصص وانصح الجميع بكتاب [ قصص علمتني الحياة – محسن جبار] ، وهذه المقالة كتبتها لأعلن للجميع أن قد تغيرت قليلاً ، فسامحوني على التقصير ، وقريباً سوف أعمل خطة شهرية لما اقرأه خلال الشهر القادم ، وكما قلت لكم سيكون قراءتي بين كتاباً الكترونياَ وآخر ورقياً ، هذا أسبوعياً ، وقد يكون كتيباً أو كتاباً ، فلن الزم نفسي بالكتب فلدي كثير من الكتيبات أريد أيضاً أن اقرأها ، والفرق بين الاثنين أن الكتب تأتي مقسمة باباً ثم باباً ثم باباً  أو قصة ثم قصة أو جزء ثم جزء آخر ، أما الكتيبات فليس كذلك ولكنها بغرض الارشاد ، وأيضاً من الفروق الكتب تمتاز بالتجديد وأنها تحمل علم ، بينما الكتيبات لا ... ولا يدخل في ذلك حجم الكتاب ولا عدد صفحاته ، وأكرر شكري لكل الاخوة والأخوات الذين كان لهم الفضل في حبي للقراءة ، وأولهم أبي وجدي ومتابعيني على مواقع التواصل وأصدقائي سادة القراء من كل بلد ، وسوف اكتب يوماً ما لماذا اقرأ؟ لأن البعض سوف يحسدني على همتي ، ولكن يا أخي ما اقرأه سيكون لكم في اقتباساتي وكتبي وفكري ، والله وحده الموفق نعم المولى ونعم الحفيظ.
كتبه / أبوسعيد عبدالله باوزير العباسي الهاشمي
الجمهورية اليمنية – م/ حضرموت – المكلا

يوم الأربعاء - بتاريخ 23/ صفر / 1438هـجرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق