بسم الله نبدأ ... تمر بكل واحد منا حوادث سليمة وأليمة ، بخيرها وشرها ،
سواء استفدت منها أو اعتبر بها ، أو جهلت بأمرها وحكمتها ، أو تضررت بها ، أما إذا
علمْتَ واستفدتَ فيجب أن تشكر الله على هذه النعمة ، فقلّ من يفهم واقعه ، وكما
قلنا سابقاً ، قراءة الواقع هي نوع من أنواع القراءة الغير متعلقة بالنصوص ،
وإليكم قصتي ، لكن في البدء نرجع ونعود إلى ما قبل سنتين من الآن لنتذكر ، حوادث
قبل هذه الحادثة التي أيضاً غيرت مجرى حياتي ، وسبحان من يقود بي إلى كل خير.
أحب أخبركم بخبر قد أفصحت عنه سابقاً ضمن سلسلة [ انطباعات تشجع ] وهو
تأسيسي لقروبات درر على الوتس والفيس ، حيث هذه القروبات كان لها الفضل في اعتزالي
لمتابعة مباريات كرة القدم العالمية والسياسة ، لكن هذه الحادثة بسيطة ، لأن حب
لكرة القدم الجنوني استمر سنتين ونصف السنة لا أكثر ، أما السياسة فالأفضل الهروب
منها فهي مضيعة للوقت ولسنا من صناع القرار ولا أهل الرأي المؤثر في الشارع.
الحادثة الثانية : وهي لجوئي من النسخ واللصق إلى التأليف والإبداع ، بحيث
تكون لي مواضيعي الخاصة ورسائلي الفريدة ، ولقد كانت الفكرة موفقة حتماً ،
والاختيار مناسب ، وقمنا بعمل سلاسل أسبوعية مقسمة حسب الجدول الأسبوعي ، كل يوم
له أربعة مواضيع إلى خمسة ، أقوم بإعدادها بنفسي من جمعي وتأليفي ، من قصص ودرر و
مواضيع دعوية وثقافية وشبابية ، وقد كانت هذه الخطوة نقلة نوعية قوية في حياتي ،
فلم أتصور يوماً أن رسائلي يتم تناقلها بين الناس بتلك الصورة ، لكن هذا حدث ،
انطباع جميل حقاً ، ثم قررت الاستمرار في هذا الأمر حتى أكملت 16سلسلة خلال سنة
1437هـ ، والسبب والفضل يعود إلى الرغبة في الإبداع ، واستثمار الموهبة التي لدي
في جمع المعلومات ، والكتابة التي تطورت إلى ما أنا عليه الآن ، وأنا على يقين سوف
تتطور أكبر ، لكن هذه الحادثة لا تساوي الحادثة الثالثة التي وقعت لي قبل عدة
أسابيع ، وسوف أخبركم بها في النقطة القادمة.
وسبحان من قدّر وكتب ، فرُبّ ضارة نافعة ، لقد حدث أن تعطل مصدري اتصالي
بالانترنت ، انقطعت عن المتابعين لي في القروبات والحسابات الخاصة بي ، فالجهاز
"اللابتوب" تعرض للتسخين ، مما جعلني أقلل من فتحه ، أما الأمر الآخر
فيتعلق بالجوال حيث تعطل الواي فاي ، أمر مؤسف يحدث هذا في نفس اليوم ، وفي نفس
الأسبوع ، أسرعت وأصلحت الجوال ، ثم اللابتوب ، الأخير أمره هين ، لكن الأول ونقصد
الجوال ، فلم يتصلح الواي فاي إلا بتبديل خريطة الجوال ، وقد قررت أقوم بذلك بعد أسبوع
إن شاء الله ، واستغليت استخدامي للجوال بفرصة رائعة لم أكن اعلم أنها ستكون نقطة
تحول في حياتي ، فكيف حولت هذه الحادثة من مشكلة قاتلة إلى غنيمة كاملة؟
أولاً : أنا شخص من النوع الذي يحب استغلال الوقت ، وقد قدمت في شهر شوال
المنصرم سلسلة كاملة بعنوان [وقتي أغلى] ، ومن ثمرة هذا العمل أنني حافظت على
استغلال وقتي ، على اعتبار السر الأعظم في نجاح الناجحين هو استغلال الوقت ، بل
تنظيم واستثماره بالشكل الصحيح والمريح ، فأول ما خطر ببالي أن اقرأ الكتب
الالكترونية ، نظراً لأني أقعد ساعات بدون عمل ، فاقرأ الكتاب بعد الكتاب ، حتى
اكملت عشر كتب في أقل من شهر ، ويمكن أقرأ أكثر لكن بعض الكتب 600صفحة ، وبعضها
فوق 300 صفحة ، الأمر ليس سهلا أبداً ، و يلزمني أن أحسن الاختيار ، وأن اقرأ
قراءة اللصوص ، وهي كما أخذنا في أنواع القراءة ، وهي جزء من القراءة الإبداعية
فنترك الثرثرة التي يتطرق لها الكاتب ، أو نتجاوز الفصل الذي لا يهمنا ، أو ندع الشرح
لأمر واضح تماماً ، وأيضاً نترك ما تم قرأته سابقاً ، الهدف توفير الوقت ، طبعاً
قراءة الكتب لها دور في تطوير المدارك و رفع من مستوى احترافية الكتابة ونشر
الرسالة التي أريدها بصورة أكثر إبداعاً ، ولكن هنالك سؤال: إذا أصلحت الواي فاي
هل سأستمر في قراءة البي دي اف؟ أجيب في النقطة القادمة.
أولاً : أخبرتكم في ما سبق أن قررت أقلل من قراءة الكتب الكترونية ؛ نظراً
لأنها تؤذي العين ، ولكن لا انسى هي من فتحت لي الطريق لأجل هدفي السامي والعالي ،
وهو أن اقرأ سنوياً مئة كتاب على الأقل ، كل اسبوع كتابين واحد ورقي والآخر
الكتروني ، وقد جرَّبْتُ وقرأت كتاب العظماء المئة لجهاد الترباني ، فلم استطع اترك
الكتاب ، وكأنّه خطفني إلى أن أكملته ، طبعاً سوف أخبركم من خلال سلسلتي الجديدة
سلسلة من الاقتباسات بعنوان [ قرأت لك ] ، وستعرفون ما الكتاب الذي أقرأه ، أو
اقرأ فيه ... لدي الكتب الكثيرة أريد أن اقرأها ، وقد اكتشفت بالقراءة أني حقاً
جاهل ، وأجهل الكثير ، وهذا الاعتراف لي شرف ، بل سوف يجعلني أدعو ربي { وقل ربي
زدني علما} ، وسوف يجعلني اسعى لطلب العلم من أهله ، واحتك بهم أكثر ، هذه الحادثة
لها فوائد جمة ، ولعلها غيرت حياتي من جانب القراءة ، وأيضاً من جانب المال حيث أن
اصلاح الجوال على مرتين واللابتوب يحتاج مبلغاً ، وأحمد الله أن تحقق ذلك.
اعترف لكم كنت لا اقرأ الكتب ، وإنما أقرأ
القراءة الوظيفية لأجل الكتابة ، فهذا بلا شك يعتبر ضعف ، القوة أن تقرأ القراءة
الموسوعية والإبداعية ، وتحقق مصالح أكثر وتستفيد من القراءة جوانب عدة ، منها
الاستفادة من اللغة والتنقلات الفنية ، والاساليب اللغوية ، ولعل كتاب مقامات
القرني أخذ مني أربعة أيام هو الكتاب الذي استفدت منه أكثر في هذا المجال ، وأحب
أذكر لكم نموذج لشخص برع وأبدع بالقراءة ، وهو أسم الجميع سمع به ، إنّه الشيخ مقبل
الوادعي رحمه الله ، وهو من يخبرنا أنّه نال العلم كثيراً من الكتب التي قرأها ،
خاصة علم الحديث ، ولدينا مثال آخر الامام الالباني ... فيكيف هذين العلمين تغيرت
حياتهما بسبب القراءة؟! ليكونوا نعم القراء ونعم حملة العلم. وأكرر أن القراءة
تطبيق ، وأن القراءة إفادة وعبادة ، خاصة إذا كانت النية صالحة وحسنة ، وقد قال
سبحانه { اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الانسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم } ، ومن
هذه الآية نجد ضرورة البسمة قبل القراءة ، وقد جاء في تفسير { وربك الأكرم } أنّ
من يقرأ فقد نال من كرم الله { والله يعلمُ وأنتم لا تعلمون } ، وأي أمر أعظم من
العلم ، سبحان الكريم!
اختم مقالتي بأن هذا الحادثة التي حدثت لي جعلتي أهتم أكثر بالقراءة ،
بعدما كانت بالنسبة لي صيد لكتاباتي ، والآن صارت صيد لحياتي ، صارت صيد لأبي سعيد
... الكاتب والباحث والانسان الواعي الفاهم الذي يحلم بحلم كبير يكون كاتب مليوني
لكل العرب ، بل لكل العالم ، طبعاً هذا يحتاج إلى أرفع مستواي بالعلم والمعرفة ،
فهذه الحادثة أقول غيرت حياتي ؛ لأني سوف
اهتم بالقراءة أولاً ثم الكتابة ثانياً ، وانصح الجميع بالتنويع في القراءة ، فالقراءة
في نوع واحد من المعرفة لن يأخذ بك بعيداً ، ولن يرفعك عالياً ، إلى ما هو فريداً
ومناسباً لك ، ولدينا قاعدة 50/50 التي تقول: 50% من مجالك و 50% مما يتعلق بمجالك
من العلوم الآخر والمعارف ، ولأن القراءة غذاء العقل ، ونبض الفكر ، ولدينا
القراءة الناقدة ، وهي أن تقرأ ولك رأي تحكم به على كل ما تقرأه ، كأن يكون صحيح
أو غير صحيح ، ونحو هذا ... ولدينا في القراءة حياة بل أكثر ، كما قال العقاد
نتعلم فيها التجارب ، وخصوصاً القصص وانصح الجميع بكتاب [ قصص علمتني الحياة –
محسن جبار] ، وهذه المقالة كتبتها لأعلن للجميع أن قد تغيرت قليلاً ، فسامحوني على
التقصير ، وقريباً سوف أعمل خطة شهرية لما اقرأه خلال الشهر القادم ، وكما قلت لكم
سيكون قراءتي بين كتاباً الكترونياَ وآخر ورقياً ، هذا أسبوعياً ، وقد يكون كتيباً
أو كتاباً ، فلن الزم نفسي بالكتب فلدي كثير من الكتيبات أريد أيضاً أن اقرأها ،
والفرق بين الاثنين أن الكتب تأتي مقسمة باباً ثم باباً ثم باباً أو قصة ثم قصة أو جزء ثم جزء آخر ، أما
الكتيبات فليس كذلك ولكنها بغرض الارشاد ، وأيضاً من الفروق الكتب تمتاز بالتجديد
وأنها تحمل علم ، بينما الكتيبات لا ... ولا يدخل في ذلك حجم الكتاب ولا عدد
صفحاته ، وأكرر شكري لكل الاخوة والأخوات الذين كان لهم الفضل في حبي للقراءة ،
وأولهم أبي وجدي ومتابعيني على مواقع التواصل وأصدقائي سادة القراء من كل بلد ،
وسوف اكتب يوماً ما لماذا اقرأ؟ لأن البعض سوف يحسدني على همتي ، ولكن يا أخي ما
اقرأه سيكون لكم في اقتباساتي وكتبي وفكري ، والله وحده الموفق نعم المولى ونعم
الحفيظ.
كتبه / أبوسعيد عبدالله باوزير العباسي
الهاشمي
الجمهورية اليمنية – م/ حضرموت – المكلا
يوم الأربعاء - بتاريخ 23/ صفر /
1438هـجرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق