شاهد من اليوتيوب
بسم الله نبدأ ... هذه المقالة
العاشرة ولله الحمد في أقل من شهرين ، لتكن مقالة على مستوى يستفيد منها الكثيرون ،
خاصة أنّنا نتحدث عن أمر الدنيا التي ضاع بسببها الكثير ، والحق يقال ما ضاعوا إلا بسبب أنفسهم ،
أما الدنيا فقد كانت بيد الرسول وأصحابه فلم يطلبوها أصلاً ولم يتنافسوا عليها ،
فسلموا من شرها وغنموا بالجنان ونعيمها ، وصدق من قال: ( حب الدنيا رأس كل خطيئة).
وأريد في هذه المقالة أنْ أعرض لكم ثلاث رسائل ،
هي كالتالي:
1- الرسالة الأولى :
الدنيا دار اختبار
2- الرسالة الثانية : لا تنخدع وتسكر بخمر الدنيا
3- الرسالة الثالثة : حقيقة الزهد في الدنيا
2- الرسالة الثانية : لا تنخدع وتسكر بخمر الدنيا
3- الرسالة الثالثة : حقيقة الزهد في الدنيا
نبدأ الرسالة الأولى ، وهي أن الدنيا دار
اختبار ، كما قال تعالى في أول سورة الملك : { هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم
أيكم أحسن عملا} ، وهذه بداية الحقيقة ، فلم تخلق لأجل أن تلعب وتلهو وتشرب من خمر
الدنيا ما شئت وكيفما شئت ، فسبحان من قال : { أفحسبتم أنّما خلقناكم عبثاً وأنّكم
إلينا لا ترجعون } ، فكل ما تفعله محاسبٌ عليه من خير أو شر ، بل كل كبيرة وصغيرة
، كل ما قصدت سواء فعلته أو لم تفعله ، لذا أصلح نيتك – رعاك الله- وستجد كل شيء
سوف يتغير ... وحقيقة الابتلاء(الاختبار) في قوله تعالى { فمن شاء فليؤمن ومن شاء
فليكفر } ثم توعّد فقال: { إنّ اعتدنا للظالمين نار أحاط بهم سرادقها } لذا احذر
الظلم بشكل عام ، ومن الظلم { إن الشرك لظلم عظيم } فالظلم الأعظم هو ظلم الله عز
وجل ، فهو الذي خلق وأعطى ، ثم يقابل هذا بالكفر والشرك والعصيان ، لا اله الا
الله! أضافة لظلم النفس وظلم الآخرين ، واعلموا ان الظلم ظلمات يوم القيامة ، من
الآن طهر نفسك من الظلم ، وطهر نفسك من السيئات { إن الحسنات يذهبن السيئات }
وأيضاً التوبة { إلا من تاب وأمن وعمل صالحا
فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما } ، و أثر التوبة أعظم.
وقبل أن أدخل في الرسالة الثانية ، أحب أقول
لكم: بدأت بذكر حقيقة الاختبار لأن البعض نسى هذا الأمر تماماً بسبب شربه من خمر
الدنيا الفاتنة ، وقد لخصت كلام قيماً في أحد سجعاتي السابقة ، وفيها أقول: (حقيقة
الدنيا اختبار ، والأخرة هي دار القرار ، وأنت أخي من تختار ، بين جنة أو نار ،
فلا تحتار ، بيدك الخيار ، من الآن اتبع سبيل الأخيار، أو ستسقط في يد إبليس الغدار
، وتحشر خاسرا مع المجرمين الاشرار ... اخي احذر قبل فوات المسار ، مسار العمر ماضٍ
بانحدار ، الى القبر نهاية الاعمار، وكما ينهي الليل النهار، فالموت أتي للكبار والصغار
، فاعمل بإخلاص واتبع الآثار ، آثار خير الورى
سيدنا محمد المختار ، من اطاعه فاز بجنة الابرار ، ومن عصاه وقع في غضب الجبار ،
فإما يتوب فيتوب عليه الغفار ، أو يطغى فيهلك ويكون في دار البوار).
رسالتي الثانية : هي
عنوان المقالة عن خمر الدنيا ، وهي التي جعلت الجميع يتهاوى ويتهالك ، وصدق ربي
لما قال : { اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون } هذا حالهم بسبب الدنيا
فكانوا هكذا { وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد } ، لا اله الا
الله! أمر مؤسف أن نجد الناس ينسون حقيقة الاختبار ، وينسون الغاية من خلقهم وهي
عبادة الله { وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون } ، ما السبب الذي جعلهم في هذا
الأمر؟ أنّه ضعف الإيمان ، وقد تحدث في سلسلة كاملة سلسلة [ جدد إيمانك] عن هذا
الأمر ، وقلنا الإيمان هو المحرك الذي يحرك صاحبه نحو ربه ومولاه ، فإذا خرب هذا
المحرك فإن محرك آخر سوف يحل مكانه ، وهو محرك الهوى والشيطان ، وقد بينا ذلك بشكل
واضح في سلسلة [ سبيل الهداية ] ، وخذ قول الله { نسوا الله فأنساهم أنفسهم } ،
ولا أريد أن أزيد في الكلام قبل أن نذكر الحل لهذه المشكلة التي جعلت الغالبية
عبيداً للدنيا ، بدل أن يكون عبيداً لله ، كيف ذلك؟ خذ هذا الحديث : (( تعس عبد الدينار ، تعس عبد الدرهم ، تعس عبد
الخميصة ، تعس عبد الخميلة ، إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط ، تعس وانتكس وإذا شيك
فلا انتقش )) رواه البخاري وغيره ، لذا الحل حتى لا نكون هكذا أن نجدد الإيمان ،
ونعدل من الشر إلى الخير ، ولا نجعل الدنيا أكبر همنا ، فقد كان من دعاء النبي هذا
الدعاء (( اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا ، وأجعل
الجنة هي دارنا وقرارنا )) ، أيها السادة الأفاضل ... أحب اختم رسالتي الثانية بقول الله
: { فلا تغرنّكم الحياة الدنيا ولا يغرنّكم بالله الغرور } وهو من وضّح لنا هذا
فقال: { وما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل } وقال: { وللآخرة خير لك من
الأولى } فلا يجب أن نجعل الدنيا مقصدنا الأول وننخدع ونكون مثل هذا الشخص { وأمّا
من طغى وآثر الحياة الدنيا } طغى ورضي بالدنيا الفانية فكان الجزاء { فإن الجحيم
هي المأوى} ، فاحذروا يرعاكم الله لا تجعلوا الدنيا تفسد عليكم آخرتكم ، هي خمر
قوي المفعول يفسد علينا ديننا يجب أن ننتبه لها { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا
الصلاة وأنتم سكارى} فقد جاء عن السلف أن من السُكر المقصود أيضاً السكر بخمر
الدنيا التي تجعل المصلي غير منتبه ، و لا مستحضر في صلاته ، هذا هو ، هذا هو ، هل
عرفتوه؟ لذا احذروا ...
رسالتي الثالثة في هذا المقالة : وهي عن حقيقة
الزهد وقد سبق لي وكتبت أكثر من سبع مرات عنه ، وهذا أمر عظيم في الدين ، حيث أن
الزهد خلق عظيم نتعلمه من رسول الله وأصحابه العظام أمثال أبي بكر و عمر ، ، فلا
يمكن أن تتخلص من خمر الدنيا إلا من خلاله ، نعم الزهد هو الذي سوف يخلصك من خمر
الدنيا ولا شيء سواه ، قال تعالى : { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً
ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} وفي الحديث الصحيح (( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه
، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه )) ، ونريد أن نعطي معلومة هامة يجهلها كثير
من الدعاة فضلاً عن غيرهم ، حيث أنّ الزهد له ثلاث صور ، صورة خاطئة وصورتين
صحيحتين ، وسوف اكتب وأكثر من مقالات بهذا الصدد ، الصورة الخاطئة هي #الرهبانية
وهي أن تقطع عن الدنيا تماما ، قال تعالى : { و رهبانية ابتدعوها ما كتبناها
عليهم} ، أما الصورتين الصحيحتين هما: الزهد الكلي والزهد الجزئي ، وأجمل تعريف
للزهد تعريف ابن تيمية رحمه الله : ( ليس الزهد ألا تملك شيء ، ولكن ألّا يملك شيء
من دون الله) ، وقيل: ( الزهد هو الاقبال على الله وترك اشتغال بالدنيا والنظر لها
بعين الاحتقار) ، والذي يحدد الزهد بين جزئي و كلي ، هو حال الشخص مع الدنيا فإذا
كان منشغل بها لكن محققاً التعريف الأول والثاني فهو جزئي وإذا كان انشغاله ضعيف
ونادر فهو زهد كلي ، بل أقول لن تصل للزهد الكلي إلا بالزهد الجزئي ، والزهد الكلي
غالباً يكون في آخر العمر بعد أن تحقق أحلامك وطموحاتك ، نعطي نماذج للزهد الكلي
أبوبكر وعمر بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز ، أما الزهد الجزئي عثمان بن عفان
وعبدالرحمن بن عوف والحسين بن علي وابن الزبير ، وهنالك أسماء كبيرة ممن ملكت
الأموال والمناصب لكنها كانت زاهدة عن الدنيا حتى تكسب المكسب الأعظم ، وما الدنيا
إلا مزرعة الآخرة ، يمكن أن تكون زاهداً ولديك الملايين ، بشرط أن لا تصرفك هذه
الملايين عن طاعة الله لقوله { إنما أموالكم وأولادكم فتنة } وقال { إن من أزواجكم
وأولادكم عدو لكم فاحذروهم } وذلك عندما تبعدك هذه الأمور عن الله وتفسد قلبك وحبك
لله الذي يجب أن نحبه أكثر من المخلوقين { يحبهم ويحبونه} ، فلو سمعت الآذان فيا
محب الدنيا سوف تبقى على حالك ، و يا زاهداً عنها وراغباً فيما عند الله سوف تنهض
وتنضم للصفوف ، عرفتوا لماذا الزهد هو
الحل؟ لكن للأسف يتم تصويره لنا بشكل خاطئ من قبل البعض سامحهم الله ، فربنا قال :
{ ولا تنس نصيبك من الدنيا } وقال : { فأما بنعمت ربك فحدث } أي أظهرها ، وقد جاء
في سنن الترمذي بسند صحيح ، حديث النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (( إن الله يحب
أن يرى أثر نعمته على عبده )) ، وابشركم لدي كتب ومقالات وسلاسل توجيهية وشخصيات قدوة
لنا في الزهد كما ذكرت لكم ، إن شاء الله ضمن أعمال المستقبل ، وأظن الرسالة وصلت
، وبالتوفيق للجميع.
كتبه / أبوسعيد
عبدالله باوزير العباسي الهاشمي
من اليمن – حضرموت –
المكلا
يوم السبت – 12/ صفر
/1438هـجرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق