الأربعاء، 5 أكتوبر 2016

جديد العباسي - مقالة - ثمار الإيمان بالذات - أبوسعيد العباسي

ثمار الإيمان بالذات #مقالة

     بسم الله نبدأ ... الإيمان معناها الحقيقي هو التصديق ، وقال جل ذكره بلسان أخوة يوسف { وما أنت بمؤمنٍ لنا ولو كنّا صادقين}  أي: ما أنت بمصدّقٍ لنا لو كنا صادقين ، مع أنّهم كانوا بالفعل كاذبين فقد نالوا من يوسف وأبعدوه عن أبيهم ، ولكن الشاهد أن معنى الإيمان هنا التصديق ، وأيضاً من المعاني أي الثقة ، أي أنّ أباهم يعقوباً لا يثق فيهم ولا في قولهم بأنّ يوسف أكله الذئب ، وهذا محور مقالنا عن الثقة بالنفس ، لكن سوف نتحدث عن النتيجة والثمرة من هذا الثقة.


      في البدء أحبّ أشكر جميع من وقف معي من الأصدقاء والسادة القراء ، فوجودهم زاد من ثقتي بنفسي وبما أقوم به وقد تجاوزوا السبعة ألف أشكرهم فرداً فرداً ، وهذا الموضوع لأزيد من حماسي وحماسهم ، وأكشف عن سر جعلني قوي خلال سنة كاملة والسنوات القادمة ، وهو الإيمان بالذات ، وقد تحدث عن هذا بشكل مغاير ضمن موضوع بعنوان الإيمان بالمستقبل ، منه الإيمان بالذات وبما هي قادرة عليه ، موضوع يستحق أن نكتب فيه أكثر من مقال.

     الإيمان بالذات هو تصديق وثقة بقدرة الذات على فعل أمر معين خلال الحاضر والمستقبل ، هذه الثقة تكون معلّقة ومقترنة أساساً بالثقة بالله ، هذه العبادة القلبية الرفيعة ، ولا يمكن لإنسان أن ينجح  إلا بالاثنين ، وإذا تخلى عن واحدة فشل فشلاً ذريعاً أو سوف يعاني ، فالتوفيق كل التوفيق من الله عز وجل ، أما النفس فلها قدرة وإرادة وحماس ، فإذا لم تكن هؤلاء العوامل موجودة فلا يمكن يتحقق المطلوب ، وهنا نحب نفرق بين التوكل والتواكل من جانب الثقة ، فكلاهما ثقة في الله غير أن التواكل ليس فيه ثقة بالنفس ولا عمل بأسباب النجاح والفلاح ، أما التوكل فهو يجمع الثقة بالله مع الثقة بالنفس مع العمل بالأسباب التي تأتي أساساً من الثقتين ، وقد وجدت كثير من طلاب المدارس والجامعات في حالة تعليمة صعبة ، أشبه بالمعاناة لأنهم يفتقدون إلى الإيمان بالمستقبل بما فيه الإيمان بالذات ، وكذلك الشباب ثقتهم بالله وبأنفسهم مهزوزة بخصوص موضوع الزواج ، لكن من جد واجتهد و جمع الثقتين بالله وبالنفس ، وعمل على ذلك وصابر و كافح ، أنا على يقين وهو أيضاً على يقين بنجاحه وتحقيق هدفه في الزوجية ، لكن نأتي للعكس في النقطة القادمة.

      التوكل هو صدق الاعتماد على الله ، لكن قد تجد شخص يثق في نفسه كثيراً ، أكثر من ثقته بالله ، وأحياناً ثقته بالله واعتماده عليه يكاد يكون معدوم ، مثل الشخص الملحد الذي نجد له نجاحات في الحياة ، فكيف يكون تفسير هذا؟ بلاشك الثقة بالنفس والإيمان بالذات يعطي قوة إلى جانب القوة الإلهية ، ومن تخلى على هذه القوة سيكون في ضعف ، فعقل الانسان وحيله مهما كان فهو في الأخير مخلوق ضعيف ومحدود القوة الأمكانيات ، لذا نجد أخطاء جمة في بعض دراسات الملحدين وأعمالهم ، وحتى الموحدين ، لأننا في الاخير بشر ومن عادتنا الخطأ والنسيان ، لكن توفيق الله هو المكسب ، هو القوة التي تكتمل قوة بني آدم قال تعالى : { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } أي كافيه و موفقه ، وقال سبحانه بلسانه نبيه شعيب { وما توفيقي الإ بالله عليه توكلت وإليه أُنيب} نلاحظ ذكر التوكل بعد التوفيق ، وهذا إن دلّ فإنما يدل على ضرورة اكتمال قوة الإنسان في سعيه في حياته بقوة الله المطلقة التي لا حدود لها ، وارتباط نجاح الانسان بتوفيق الله الذي أمره كن فيكون ، لكن نجد من يعتمد على الله ويرفض أن موضوع الثقة بالذات يجعله من الشركيات ، نقول له: رعاك الله الاعتماد على الله هو أول ما يجب أن نفعله ، كما جاء في النص القرآني { وأفوض أمري إلى الله } فهذا لا يعني أن ننثق بأنفسنا لأن هنالك معادلة تقول : الخوف والثقة ، إذا زاد معدل الخوف فالإخفاق محقق ، بينما الثقة لها دورها في القضاء على الخوف ، ولم نقل لأحد لا تثق في الله ، وإنما قلنا الثقة بالله هي التي تكمل وتعزز الثقة بالنفس ، لأنها محور نجاح الانسان ، مثال خطيب الجمعة ، إذا لم يكن لديه ثقة بالنفس وإيمان بذاته وما يفعله ، لارتجاف وأتى بالعجائب ، ويمكن أن يتعتع ، كل هذا بسبب أن ثقته بنفس تكاد تكون معدومة ، الملحدين الناجحين في أعمالهم التجارية نجد أن سبب نجاحهم ثقتهم بالنفس ، مع أنهم قموا بمشاريع بمليارات الدولارات ، إلا أن الإيمان بالمستقبل والإيمان بالذات له أثره وثماره ، ولعل أكبر ثمرة هي تحقيق الهدف وبلوغ النجاح المقصود.

     الإيمان بالذات بقدراتها ومواهبها وخبراتها ، ولتعلموا أن الانسان مخلوق عظيم كرّمه الله بالعقل والتفكير ليكون خليفة الله في الارض ، فلا تستخف بقدراتك فأنت موهوب ، كن على إيمان أنك تستطيع فقط تحلى ببعض الثقة وعلّق ثقة بالثقة بالله الذي على كل شيء قدير ، وللتوفيق والإعانة جدير ، سبحانه نعم المولى ونعم النصير. أحبتي الأفاضل ندخل في عمق موضوع ثمار الإيمان بالذات لكن في البدء هنالك سؤال يطرح يجب أن نجيب عليه : ما الفرق بين الإيمان بالذات والثقة بالنفس؟ الجواب: كلاهما سواء لكن الإيمان بالذات أشمل وأعظم فيضم الثقة بالنفس والتصديق بأنواعه الثلاثة التصديق الاعتقادي والتصديق القولي والتصديق الفعلي ، فيجب أن تعتقد بنجاحك وبإمكانية تحققه في المستقبل ، وتقول أنا ناجح لتحفز نفسك وتزيد من حماستك وتقوي ثقتك ، وأيضاً التصديق الفعلي وهذا مكسب عظيم أي أن العمل الجاد من خلاله سوف تحقق الهدف المنشود ، وهكذا هم الناجحون في ثقة وعمل وكفاح.

     من ثمار الإيمان بالذات ما يلي:
1) تحقيق الهدف المنشود ، والنجاح المقصود ، وهذا معروف ، فلا يمكن لاحد أن ينجح وهو لا يملك أي ثقة ، مثال: طالب دخل الامتحان ولا يثق بحلوله ولا مذاكرته ليلة الامتحان من الطبيعي سيتعرض للإخفاق ، لذا قد يطر للغش لتجنب الفشل ، وهذا من عجائب ما أرى أجد شبابًاً لديهم إيماناً أنهم سيتمكنون من الغش لذا لا يذاكرون ، ركز الإيمان بالذات قد يرفعك وقد يضعك ، مثال هتلر يقتل اليهود بكل ثقة.

2) زيادة الكفاءة والحماس ، وهنا أقدم لكم قاعدة من قواعد التنمية البشرية تتعلق بالكفاءة والحماس ، فالكفاءة كما هي مطلوبة أيضاً الحماس مطلوب ، فإذا كان الحماس عالي عند الشخص ولكن الكفاءة أقل من المطلوب من الطبيعي أنه سيعمل لكن بشكل خطأ ، والعكس إذا كانت الكفاءة عالية ولكن الحماس ضعيف فإنه لن يعمل لافتقاد الحماس المحرك الديناميكي للعمل ، لكن إذا كان كلاهما على مستوى عالٍ فسوف تكون النتيجة أفضل ما يمكن ، طبعاً هذا من أروع ثمار الذات خاصة موضوع الحماس.

3) الاعتقاد والقول والعمل بنجاح ولأجل النجاح ، وهذا ما بينّاه سابقاُ ، ولكم عندي تجرية شخصية فريدة حيث لما أقول لكم سوف أعمل كتاباً عن كذا ، فإن إيماني بذاتي قوية جداً لا يمكن ان أصفها لكم ، وثقتي بالله وبنفسي تجلعني أسابق الزمن لأجل حلم من أحلام أن أكون كاتباً مليوني لكل العرب والمسلمين في عدة مجالات تهمني.

4) زيادة عدد الطموحات ، وفتح آفاق جديدة في الحياة للعمل عليها لم يكن يتوقعها ، فالبعض نجد لديه طموح واحد ، لكن المؤمن بذاته تجده لديه أكثر من طموح ، الإمام الشافعي مثال نستشهد به فقد برع في عدة مجالات خاصة الفقه والحديث من حيث التعليم والتمكن ، مع هذا نجد هذا العالم في الأدب والشعر ، وينشر مذهبه ويكثر من الأسفار بين البلدان والأمصار ، وعمل قاضياً في بلد اليمن ، ونجده يعمل لآخرته وأيضاً هذا طموح من أعظم الطموحات ، ونجده له أسرة يهتم بها ، كذلك التأليف وما أعظم مؤلفات الشافعي خاصة كتاب ( الأم ) في الفقه، وجمع المدارس الفقهية على أصول ثابتة وقواعد في كتابه (الرسالة) ، وألف وهو في عمر الثلاثين.

5) دراسة المستقبل والتخطيط له ، وهذا من أعظم ما يحققه الإيمان بالذات ، حتى تكون الخطوات ثابتة وصحيح ، وكما يقال: واثق الخطى يمشي ملكاً.

6) الاهتمام بالاستثمار بأنواعه الثلاثة ، وهذه يغفل عنها كثير من الناس ،  وخاصة من كانت لديهم هذا الإيمان بذواتهم ، حيث أن الاستثمار ثلاثي في الوقت والمال والعلاقات الاجتماعية ، فالمؤمن بذاته يهتم بوقته لأنه يريد أن يحقق هدف ، وقد قلنا أفضل طريقة لاغتنام لوقت هي أن يكون لديك هدف ، وإلا سيذهب الوقت والعمر معه دون أي فائدة لا من دنيا ولا من آخرة ،  وأيضاً الاهتمام بالمال فالأهداف العظيمة خاصة الدنيوية تحتاج إلى مال ، كالزواج والحج وبناء البيوت وامتلاك السيارات والشركات ، كل تحتاج إلى مال ، لذا المؤمن بذاته يهتم بالمال فو أساس الحياة الكريمة كما عرفنا ذلك ، وكل مشروع يحتاج لرأس مال ، نأتي للعلاقات فهي مهمة خاصة من لديهم طموحات تتعلق بالسياسة أو التجارة أو المجتمع ، فيجب أن نوظف العلاقات مع الشخصيات الهامة في مصلحة طموحتنا فهذا ذكاء لا يصل إلى إلا قلة قليلة من الناس ، مؤهلين لهذا ، وسوف نكتب سلسلة كاملة بعنوان [الاستثمار الثلاثي].

7) التعاون مع الآخرين ممن له نفس الطموح ومؤمنين بما أنت مؤمن به ، وهذا واقع نراه معايش ، مجموعة من التجار عملوا لهم شركة ، مجموعة من المصلحين وحدوا كلمتهم ، مجموعة من المبدعين قاموا بدراسة أو اختراع معين ، مجموعة من الدول أخذت موقف قوي مثل تحالف العربي لتصدي للإرهاب داعش وإيران ، سبب تعاونهم وتوحدهم هو الإيمان بالذات نحو قضية معينة وأيضاً الإيمان بالخطر المحذق.

8) الإيمان بالذات هو جزء من الإيمان بالمستقبل الذي يجب أن نعمل له ، ولن يحققه أحدٌ غيرنا ، فهو يجعل المستقبل حقيقة ، بينما عدم الإيمان بالذات يجعله سراباً أو وهماً أو مجرد خيال ، قلي بالله : ماذا انت فاعل لمستقبل لا تؤمن به؟ فكما نؤمن بالآخرة وهو جزء من المستقبل القادم -لا محالة- نؤمن بذواتنا أنها قادرة على دخول الجنة بفضل الله ورحمته ، وهذا هو الرجاء ، لكن نحتاج إلى الخوف لكي يتوازن الإيمان وليكن العمل محققاً للهدف ، لذا قال رب العزة { يرجون رحمته ويخافون عذابه} وأكدّ في الختام على ضرورة متابعة حلقات سلسلة [ أنا المستقبل ] التي سيتم تناول كل هذه الموضوعات الجميلة من خلالها إن شاء الله.

9) المكسب الأخير هو العمل الصائب لأجل الهدف الصائب بكل عزيمة واصرار ، فالمؤمن بالمستقبل هو مؤمن بهدف اختاره بعناية ويناسبه ، فبعض الأهداف قد لا تناسبنا لذا الأفضل تركها والابتعاد عنها ، ثم سيختار العمل الصائب لتحقيق الهدف الصائب ، لأنّه يؤمن بهدف وتحقيق هدفه المنشود ، فمثلاً : من يريد يكون ملياديرا فيجب أن يجمع المال هذا هو السبيل من خلال مشاريع خاصة وعملاقة ، تضخ على الملكية الخاصة به بملايين الريالات أو الدولارات ، وسوف يجتهد لهذا وقد يخفق .... لكن لأنه مؤمن بذاته وبالمستقبل سوف يتمسك بهدفه ، وبكل عزيمة وهمة سوف يحقق الهدف ، فهذا هو سبيل الوصول ، مثال آخر : الخشوع في الصلاة يعتبر هدف ، لأن كثيرنا لا يصلي بخشوع ... لذا يجب ان نعرف السبيل لتحقيق هذا ، وقد كتبت مقالة على مستوى عالي قبل هذا بخصوص هذا الموضوع ، فيجب أن تصلي وتتفاعل مع الصلاة ، تصلي بروحانية وتعبداً لله وبتركيز وحضور قلب ، الأهم تصلي بعلم لا بتقليد كما يفعل الناس اتباعاً للنبي القائل: (( صلوا كما رأيتموني أصلي )) ، وهذا ما ذكرته في مقالي ، لذا أرجو منكم العمل والتطبيق الصائب لتحقيق الهدف الصائب ، وهو الذي نحاول تحقيقه.

     نختم أحبابي الكرام إلى ضرورة الاهتمام بالموضوعات التي تتناول شيئاً يعيد الأمل ويجدد العزم ، ويحيي الموتى وفاقدي الحياة ، ولله الحمد أوعد كل من يتابعني بكل خير وفائدة ، وإذا هنالك سؤال أو استفسار يمكن تتواصل معي على القنوات الرسمية لي ، واعرف أن الموضوع ليس بالسهل أن تكتب فيه لكن أثق في توفيق الله ، وقد صدق الشاعر لما قال:
إذا لم يكن عون من الله للفتى ____ فأول ما يجني عليه اجتهاده.

      هذا وما كان من خطأ أو نسيان فمني ومن الشيطان ، وما كان من توفيق فمن الله وفضله علي كبير ، وترقبوا فالقادم أجمل وأنفع إن شاء الله  .

كتبه / أبوسعيد عبد الله باوزير العباسي الهاشمي
اليمن – حضرموت - المكلا
يوم السبت – 29/ ذي الحجة /1437هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق