(20=- علّمني بخلي أن ألّا أبخل -=20) #جديد_العباسي
بسم الله الموفق المسدد ... هذه المقالة رقم
(20) ولله الحمد ، وبعد أن عرفنا في المقالة السابقة عن الجهل ، نأتي لموضوع المال
الذي كثيراً ما أكتب عنه ، لأنه أساس الحياة الكريمة في نظري في زمن المادية
والترف ، ولكن هنالك أمر آخر فالكرامة لا تشترى بالمال أبداً ، وإنما بعزة النفس
فهذا هو المقصود.
البخل صفة من صفات الانسان الملازمة له ،
فكل انسان في الأصل بخيل ، كما هو الأمر في الجهل ، ولكن الانسان يخفي بخله بكرمه
على نفسه وغيره ، هذه هي بداية الموضوع ، وخذ قول الله تعالى : { وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ
مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
ۗ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} وهنا
تكمن الخطوة.
أولاً: يجب أن نفرق بين البخل والشخ
والاقتصاد كالتالي:
البخل: هو الحرص على المال عند
وجوده ، وتخصيصه للنفس ومنعه عن الآخرين.
الشح: هو الحرص على المال عند وجوده
، ومنعه على النفس والغير ، أو الحرص على المال عند عدم وجوده ، ومنه نقول البخل
ثمرة الشح.
الاقتصاد : هو الحرص على جمع المال
وادخاره لأجل أهداف مستقبلية معروفة مثل الزواج أو الحج أو بناء بيت أو شراء سيارة
ونحوه.
البخيل أساساً لا يأتي حق الناس وأحياناً حق
نفسه ، والاخطر ألّا يأتي حق الله في اخراج الزكاة والصدقات والانفاق في سبيل الله
، وأيضاً حق الناس ليس بالسهل الاستهانة بها خاصة الزوجة والأولاد ، فهذا من الظلم
الذي لا يجوز ، فالبخل بشكل عام مذموم ، ومنبوذ صاحبه ومحسود ، يملك أموالاً
ولكنها لا تتحرك ، لذا هنا نحتاج مراجعة في هذا الأمر.
البعض يخاف مما يحمله المستقبل ، ولكن - رعاك
الله - اعلم أن الرزق بيد الله عز وجل ، ولن يموت أحداً من الجوع لوحده ، وإذا
حدثت مجاعة ستحدث على الجميع ، وإذا حدث انهيار اقتصادي سيحدث على الجميع ، فعليك
بالاهتمام بزيادة الملكية والانفاق ، وتذكّر دعاء الملكين عند كل صباح : ( اللهم أعطِ منفقا خلفا وأعطِ كل ممسك تلفا ) ،
وهذه فرصة لمن يريد الزيادة ، فعلينا بالإنفاق ، وكذلك بالاقتصاد قال تعالى : { وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا
تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا }.
البخل الذي أقصده في المقالة هو البخل الذي يحدث
عن الاقتصاد ؛ فمهما حاول الانسان جمع أمواله لأهداف مستقبلية ستحدث له أمور تجعله
يبخل ، لكنني كتلميذ في [مدرسة الحياة] التي تعطي لنا دروس كثيرة يومياً ؛ لقد تعلمت
أن البخل في هذه الحالات أضر ، وأنْ ما ستنفقه في الأول سيكون أقل ، مما ستنفقه في
الأخير ، والاقتصاد لا يكون في الأمور الهامة ، وخاصة الوضع المالي صعب في الدول
النامية وتشهد حرباً واضطراباً سياسياً ، مثل: اليمن ... ولا عجب الكثير هذه
الأيام متخوف ، ولكن أنصحكم وأنصح نفسي التي اعتبرت بعدم البخل ، فالجود الجود على
ما هو أهم وعمل سياسة انفاق مالي ، وخطة لزيادة الملكية ، مع أني أعتقد صعب
تطبيقها ، إلا على من يحسن التخطيط والتفكير.
يجب على الانسان أن يجتهد في زيادة ملكيته
الشهرية والسنوية ، فهي ستضخ أموالاً تساعده في تسير أموره الشخصية والعائلية ،
وبالمقابل ننصح بعدم البخل بنوعيه ، البخل الظاهر والبخل الخفي الذي يتبع سياسة
الاقتصاد ، واحذر التبذير فإن المبذرين
إخوة الشياطين ، والعياذ بالله ...
وأيضاً من الأمور التي لا يجب أن نبخل على
أنفسنا ، الانفاق في رحلة طلب العلم التي يجب أن يسلكها كل فرد طيلة عمره ، من
المهد إلى اللحد ، سواء السفر أو شراء الكتب أو حضور الدورات والندوات أو تعلم
التعليم الجامعي ، ونحو هذا ... وأخص هنا شراء الكتب ، وكم نحن مفرطين نضيع
أموالنا في توافه ، ونبخل في شراء الكتب التي هي سر النهضة وتنمية الذات ، ولا يجب
أن تشتري كتاباً وتضعه في الرف ، بل تشتريه لتقرأه وتستفيد منه ، وتحسن الاختيار
...
البخل لا يكون فقط في المال ، بل دائرته
أكبر في كل الأمور ، ونضيف لبخل المالي ، البخل العلمي في نقل المعلومات والفوائد
والمعارف للآخرين ، والبخل الدعوي في تبليغ الدعوة والإسلام خاصة لمن عنده قدرة ،
والبخل في الأخلاق فتجده يتخلق مع الناس دون ناس ، والبخل في الابتسامة ، والبخل
في الكلمة الطيبة ، وهكذا قس على ذلك ... وهنالك بخلٌ يقع فيه الكثير من الناس ،
وهو من توجيه النبي صلى الله عليه وسلم ، وبه أختم مقالي ، ألا وهو عدم الصلاة على
النبي مع سماع اسمه – صلى الله عليه وسلم – الذي قال : ((البخيل من ذُكِرْتُ عنده ثمّ لم يُصَلِّ عليَّ )) رواه أحمد
والترمذي وقال: حسن صحيح. فلا تنس هذا ، دائماً صلي عليه ، وبالأخص عند سماع اسمه
وحديثه صلى الله عليه وسلم.
كتبه / أبوسعيد عبدالله
باوزير العباسي الهاشمي
اليمن – حضرموت – المكلا
يوم الأثنين - 9/جمادى
الأول/ 1438هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق