الجمعة، 17 فبراير 2017

أبوسعيد العباسي : علّمني بخلي أن ألّا أبخل - مقالة رقم 20

(20=- علّمني بخلي أن ألّا أبخل -=20) #جديد_العباسي


     بسم الله الموفق المسدد ... هذه المقالة رقم (20) ولله الحمد ، وبعد أن عرفنا في المقالة السابقة عن الجهل ، نأتي لموضوع المال الذي كثيراً ما أكتب عنه ، لأنه أساس الحياة الكريمة في نظري في زمن المادية والترف ، ولكن هنالك أمر آخر فالكرامة لا تشترى بالمال أبداً ، وإنما بعزة النفس فهذا هو المقصود.

     البخل صفة من صفات الانسان الملازمة له ، فكل انسان في الأصل بخيل ، كما هو الأمر في الجهل ، ولكن الانسان يخفي بخله بكرمه على نفسه وغيره ، هذه هي بداية الموضوع ، وخذ قول الله تعالى : { وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} وهنا تكمن الخطوة.

     أولاً: يجب أن نفرق بين البخل والشخ والاقتصاد كالتالي:
البخل: هو الحرص على المال عند وجوده ، وتخصيصه للنفس ومنعه عن الآخرين.
الشح: هو الحرص على المال عند وجوده ، ومنعه على النفس والغير ، أو الحرص على المال عند عدم وجوده ، ومنه نقول البخل ثمرة الشح.
الاقتصاد : هو الحرص على جمع المال وادخاره لأجل أهداف مستقبلية معروفة مثل الزواج أو الحج أو بناء بيت أو شراء سيارة ونحوه.

     البخيل أساساً لا يأتي حق الناس وأحياناً حق نفسه ، والاخطر ألّا يأتي حق الله في اخراج الزكاة والصدقات والانفاق في سبيل الله ، وأيضاً حق الناس ليس بالسهل الاستهانة بها خاصة الزوجة والأولاد ، فهذا من الظلم الذي لا يجوز ، فالبخل بشكل عام مذموم ، ومنبوذ صاحبه ومحسود ، يملك أموالاً ولكنها لا تتحرك ، لذا هنا نحتاج مراجعة في هذا الأمر.

     البعض يخاف مما يحمله المستقبل ، ولكن - رعاك الله - اعلم أن الرزق بيد الله عز وجل ، ولن يموت أحداً من الجوع لوحده ، وإذا حدثت مجاعة ستحدث على الجميع ، وإذا حدث انهيار اقتصادي سيحدث على الجميع ، فعليك بالاهتمام بزيادة الملكية والانفاق ، وتذكّر دعاء الملكين عند كل صباح : ( اللهم أعطِ منفقا خلفا وأعطِ كل ممسك تلفا ) ، وهذه فرصة لمن يريد الزيادة ، فعلينا بالإنفاق ، وكذلك بالاقتصاد قال تعالى : { وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا }.

     البخل الذي أقصده في المقالة هو البخل الذي يحدث عن الاقتصاد ؛ فمهما حاول الانسان جمع أمواله لأهداف مستقبلية ستحدث له أمور تجعله يبخل ، لكنني كتلميذ في [مدرسة الحياة] التي تعطي لنا دروس كثيرة يومياً ؛ لقد تعلمت أن البخل في هذه الحالات أضر ، وأنْ ما ستنفقه في الأول سيكون أقل ، مما ستنفقه في الأخير ، والاقتصاد لا يكون في الأمور الهامة ، وخاصة الوضع المالي صعب في الدول النامية وتشهد حرباً واضطراباً سياسياً ، مثل: اليمن ... ولا عجب الكثير هذه الأيام متخوف ، ولكن أنصحكم وأنصح نفسي التي اعتبرت بعدم البخل ، فالجود الجود على ما هو أهم وعمل سياسة انفاق مالي ، وخطة لزيادة الملكية ، مع أني أعتقد صعب تطبيقها ، إلا على من يحسن التخطيط والتفكير.

      يجب على الانسان أن يجتهد في زيادة ملكيته الشهرية والسنوية ، فهي ستضخ أموالاً تساعده في تسير أموره الشخصية والعائلية ، وبالمقابل ننصح بعدم البخل بنوعيه ، البخل الظاهر والبخل الخفي الذي يتبع سياسة الاقتصاد ،  واحذر التبذير فإن المبذرين إخوة الشياطين ، والعياذ بالله ...

     وأيضاً من الأمور التي لا يجب أن نبخل على أنفسنا ، الانفاق في رحلة طلب العلم التي يجب أن يسلكها كل فرد طيلة عمره ، من المهد إلى اللحد ، سواء السفر أو شراء الكتب أو حضور الدورات والندوات أو تعلم التعليم الجامعي ، ونحو هذا ... وأخص هنا شراء الكتب ، وكم نحن مفرطين نضيع أموالنا في توافه ، ونبخل في شراء الكتب التي هي سر النهضة وتنمية الذات ، ولا يجب أن تشتري كتاباً وتضعه في الرف ، بل تشتريه لتقرأه وتستفيد منه ، وتحسن الاختيار ...

     البخل لا يكون فقط في المال ، بل دائرته أكبر في كل الأمور ، ونضيف لبخل المالي ، البخل العلمي في نقل المعلومات والفوائد والمعارف للآخرين ، والبخل الدعوي في تبليغ الدعوة والإسلام خاصة لمن عنده قدرة ، والبخل في الأخلاق فتجده يتخلق مع الناس دون ناس ، والبخل في الابتسامة ، والبخل في الكلمة الطيبة ، وهكذا قس على ذلك ... وهنالك بخلٌ يقع فيه الكثير من الناس ، وهو من توجيه النبي صلى الله عليه وسلم ، وبه أختم مقالي ، ألا وهو عدم الصلاة على النبي مع سماع اسمه – صلى الله عليه وسلم – الذي قال : ((البخيل من ذُكِرْتُ عنده ثمّ لم يُصَلِّ عليَّ )) رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح. فلا تنس هذا ، دائماً صلي عليه ، وبالأخص عند سماع اسمه وحديثه صلى الله عليه وسلم.
كتبه / أبوسعيد عبدالله باوزير العباسي الهاشمي
اليمن – حضرموت – المكلا

يوم الأثنين - 9/جمادى الأول/ 1438هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق