بسم الله نبدأ ... جميعنا خرج من بطن أمه ولا يعلم ولا يدري شيئاً ، حتى
اسمه الذي يتفاخر به لم يكن يعلمه ، وشاء ربك أن تكون لدى الإنسان إرادة التعلّم ،
حتى الحيوانات عندها هذه الإرادة ، التي تختلف عن إرادة التعلّم عند الإنسان ،
وأيضاً تختلف عند البشر ، لذا ظهر هنالك تمايز ... البعض يتعلم بسرعة ، ، والبعض
يتعلم بصعوبة ، والبعض لا يتعلم ويسقى من ماء الجهل ؛ بسبب أنه لم يستغل هذه
الإرادة بشكل صحيح.
لا أنكر أنني جاهل وأجهل الكثير ، لذا
لزمني أن أقول: ( علمني جهلي أن أتعلم) ، ولزمني أقول لك عزيزي القارئ : ( هل تعلم
أنني أعلم أنني لا أعلم؟ ) هذه حقيقة ، فالعلم علم الله فهو الذي خلق وقدّر وسوى
وعليم بذات الصدور وحقائق الأمور ، فالإنسان مهما بلغ من العلم فهو قليل من قليل
من قليل ، ولا يمكن لأحد أن يجمع العلم كله بجميع فروعه وأصنافه وأنواعه الثلاثة :
العلم الدنيوي والعلم الشرعي والعلم المهني الحرفي ، هذا التقسيم الثلاثي يجب أن
نفهمه بشكل صحيح ، فالعلم الدنيوي يختلف عن العلم الشرعي الذي مصدريه من الكتاب
والسنة ، بينما علم الدنيا معالجات وبحوث تطبيقية وعلمية ونظرية لأمور دنيوية تهم
الانسان ، أما العلم المهني والذي يجهله الكثير فهو علم الخبرة والممارسة والتطبيق
فمثلاً قيادة السيارة تعتبر منه ، وهكذا...
وأخبركم لما قرأت عدة كتب ومن
بينها كتاب التعالم للشيخ أبو زيد رحمه الله ، وقلت لكم أنني أدركت أنني بالفعل
جاهل وأجهل الكثير ، ويجب عليّ أن أتعلم أكثر ، خصوصاً في المجالات التي أهتم بها
بالأخص الفكر والتنمية ، فالجهل منقصة وعدو الانسان الأول الذي يجعله يعيش في ظلمة
وتلخبط وضياع ، أما العلم فهو نور في الحياة وسلطان للعمل ، وحجة في الجدال وبصيرة
في العبادة ، و لو تقارن فالمقارنة باطلة.
جهلي أراه بعيني كما رأه الشافعي فقال :
كلـما أدبني الدهـر ... أراني نقص عقلي
وإذا ما أزددت علما ... زادني علما بجهلي
وإذا ما أزددت علما ... زادني علما بجهلي
ولا أريد أن أكون هذا
ولما رأيت الجهل في الناس فاشيا ... تجاهلت حتى ظن أني جاهلا
ولكن أريد أكون هكذا
العلم يرفع بيتا لاعماد له ... والجهل يهدم بيت العز والشرف
وخذ بنصيحة الأول
تعلم فليسَ المرءُ يولدُ عالماً ... وَلَيْسَ أخو عِلْمٍ
كَمَنْ هُوَ جَاهِلُ
وإنَّ كَبِير الْقَوْمِ لاَ علْمَ عِنْدَهُ ... صَغيرٌ إذا
الْتَفَّتْ عَلَيهِ الْجَحَافِلُ
وإنَّ صَغيرَ القَومِ إنْ كانَ عَالِماً ... كَبيرٌ إذَا
رُدَّتْ إليهِ المحَافِلُ.
وخذ بنصيحة الثاني :
اصبِر عَلى مُرِّ الجَفَا مِن مُعَلِّمٍ ... فَإِن رُسُوب
العِلمِ في نَفَراتِهِ
ومن لم يذق مُر العَلُّمِ ساعةً ... تجرع ذُل الجهلِ طُول
حياتِهِ
ومن فاتهُ التعلِيمُ وقت شبابهِ ... فكَبِّر عليه أربعاً
لِــــــوفاتِهِ
وبعد هذا كله واعترافي أمامكم بجهلي مهما
بلغت وجمعت من العلم ، ففي الأخير نحن جهلة لولا فضل الله علينا وكرمه ، وبعدما
معرفتنا لهذا يجب أن نسعى للعلم والتعلم ، وما نتعلم إلا لأنفسنا قال الامام مالك:
( ما تعلمت العلم إلا لنفسي) ، نتعلم لنعبد الله على بصيرة ، نتعلم لكي نتنور بنور
العلم ، فهذه تزكية التي نريدها ، والمكسب الأكبر أن العلم عصمة من الفتن ، أما
الجهل فحدث ولا حرج ، وحسبك أنه يوقع بصاحبها في المهالك ويتلخبط في جميع أحواله.
ولا ننس أن الجهل بين حالتين: جهل بسيط أي صاحبه يعلم أنه جاهل ، وجهل مركب أي لا
يعلم أنه جاهل وهو جاهل ، وما أكثر النوع الثاني هذه الأيام! فنحن بالعلم نزيل هذه
القبح الموجود لدينا ونحن من أهل العلم الذين وقع لهم الاستثناء ، روى الترمذي في
سننه عن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال:
سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (( ألا إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه،
وعالم أو متعلم)) والمقصود من الحديث أنها مبعدة عن الله والدار الآخرة لذلك
ذمت.
وفي الختام أنصح نفسي المقصرة وأنفسكم –
أحبتي- بالاجتهاد أكثر في طلب العلم الذي ينفع في أمر الدنيا والدين ، وأن تعترفوا
بالجهل فهذه أول خطوة في طريق العلم ، وهذا اعترافي.
كتبه / أبوسعيد عبدالله
باوزير العباسي الهاشمي
اليمن – حضرموت – المكلا
يوم الأحد - 8/جمادى
الأول/ 1438هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق